الاقتصاد العالمي بعد كورونا لن يكون مثل قبله!

ي معرض مناقشته لأزمة كوفيد-19، وتأثيرها على الوضع الاقتصادي في العالم أجمع، سأل مايكل هيرش، مراسل بارز لدى موقع "فورين بوليسي: "هل تستخف الأسواق بالكساد الذي سوف يترتب عن فيروس كورونا؟"، مذكراً بصورة ألان غرينسبان، رئيس الاحتياطي الفيدرالي سابقاً، الذي كان يعتبر بمثابة" مايسترو" الأسواق، "مذهولاً" إبان الأزمة المالية الأخيرة، قبل ما يزيد عن عشر سنوات، بسبب انهيار الأسعار في وول ستريت.

وأبدى غرينسبان دهشته أثناء إدلائه بشهادته أمام الكونغرس في خريف 2008، حينما قال: "انهار الصرح الفكري برمته".

وخلال ارتفاع أسعار البورصة في السنوات العشر اللاحقة والذي استمر إلى أن ضربها فيروس كورونا بحدة قبل بضعة أسابيع- أعاد خبراء وول ستريت تأكيد حكمتهم. وقالوا إن التجار الأذكياء ومحللي وول ستريت قادرون دوماً على إيجاد طريقة لحماية مصالحهم، ويتوقعون عادة الأشياء قبل سواهم، وهم بارعون في التسعير في أسوأ الاحتمالات.

تأرجح

ولكن، يرى الكاتب أنه في ظل تأرجح الأسواق المالية لدرجة أن بعض الاقتصاديين والخبراء المطلعين يشيرون إلى أن الاقتصاد الأمريكي يتجه نحو حالة ركود، يجب إعادة النظر في توقعات وول ستريت.

ومن بين المشكلات التي تطرأ في مواجهة شيء كبير يقلب العالم – شيء غير مسبوق وغير متوقع- ينحسر ببطء دحض الحقائق. وذلك ما جرى في عامي 2007 و 2008، عندما واصلت السلطات الأمريكية، وحتى رئيس مجلس الاحتياطي الفيديرالي بن برنانكي، في إعادة طمأنة الأمريكيين بأن أسعار المنازل مدعومة بـ" أسس قوية للغاية"، وبحث مستثمرون عن أرضية أكثر أماناً مقوضين حالة إنكار ضد ارتفاع متصاعد للقروض العقارية المتعثرة. واستمر ذلك الوضع إلى أن انهارت مؤسسة ليمان براذرز ومئات الآلاف من الشركات التجارية، ما أدى لإفلاس معظم المؤسسات المالية الكبرى. ويومها أوهم خبراء المال والاقتصاد أنفسهم بأنهم ينشرون المخاوف عبر العالم، في حين أنهم كانوا يعملون على إخفائها. وعلى الفور، أدرك جميعهم بأن مجمل النظام المالي أصيب بنكسة، وأنه لم تعد هناك أرضية أكثر أمناً.

معدلات البطالة

وبعد هبوط أولي كبير في البورصات في مارس(آذار) تعثرت الأسواق، خلال الأسابيع الأخيرة، حتى بعدما ظهرت مؤشرات يومية بشأن دمار اقتصادي.

وبدأ اقتصاديون التحذير من احتمال أن تتخطى معدلات البطالة مستويات عالية، وتلاشت آمال ترامب في استعادة الاقتصاد حيويته السابقة خلال شهرين. وأعلن في يوم الخميس الماضي انضمام 6.6 مليون شخص إلى قوائم العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة، فضلاً عن 10 مليون عاطل فقدوا أعمالهم خلال الأسبوعين الأخيرين.

وسجلت تلك الأرقام بعد يوم من توقعات أحد الاقتصاديين في الاحتياط الفيدرالي أن معدل البطالة بين الأمريكيين قد يصل إلى 23٪، أي أعلى من أشد معدلاته إبان الركود العظيم. ويشير ذلك إلى أن عدداً كبيراً من الشركات سوف تختفي ولن تعود ثانية إلى السوق.

ويلفت كاتب المقال إلى أن برنامج حماية الراتب الذي أطلق يوم الجمعة كجزء من خطة الإغاثة من الكوارث بقيمة 2 تريليون دولار، سوف يساعد العديد من العاملين، وستعفى من القروض الفيدرالية شركات تواصل دفع رواتب موظفيها لمدة ثمانية أسابيع، أو تعد بإعادة توظيف من سرحتهم.

تبعات اجتماعية

ويرى كاتب المقال أن التبعات الاجتماعية لحالة الركود الاقتصادي ستكون طويلة الأمد. وسوف تتسع الفجوة بين الأغنياء وسواهم، وهي بالفعل تسبب تنافراً في الاستقرار الاجتماعي. إذ كلما قل دخل أحدهم، قلت فرصة تصديه للوباء وهو قابع في منزله دون عمل، ودون القدرة على تأمين الغذاء لنفسه وأسرته، مما يجعله أكثر عرضة للمرض. وتبعاً له، حالما يختفي فيروس كورونا، لن يتلاشى معه عدم الاستقرار الاجتماعي.

وفي ذات السياق، قال لورنس وايت من جامعة نيويورك: "لن يكون التعافي سهلاً مع وصول المدخرات إلى أدنى نقطة. أخشى من تدهور العلاقات غير الملموسة ولكن المهمة للغاية، سواء كانت علاقات سلاسل توريد أو علاقات العمل، أو مع المستهلكين أو العلاقات بين الدائن والمدين".

الأكثر زيارة