خور المُكلا.. شغف السُياح وملاذ آمن للسُكان

استطلاع/ رباب الديني

  إنه لمن الجميل ان تبني جسرًا من الأمل على مكان قاحل لا يحوي ذرة أمل، مكانٌ مهملٌ لم يتطلع له السكان ولم يتبادر الى ذهنهم يومًا عن مستقبله؛ ربما لم يتوقع البعض ان يكون مصدر فخرهم وتباهيهم امام القادمون من اماكن اخرى؛ كان الخور في ما مضشى بقعة مهملة من بقاع ارض المكلا، فقد كانت تملأه القمامة والمجاري وما تجرفه السيول، لم يستطع احد ان يتفائل او ان يتصور في ما قد يكون مستقبله.. الى ان جاء عام 2002 ووضع حجر الأساس ليعلن للجميع ان هنالك شيئا قادم، شيئا لم يكن في الحسبان.

    خور المكلا تلك الرائعة الهندسية المتقنة التي اكتمل بنائها في عام 2005 بحرفيه ودقه عالية لتخلق شيئا من اللا شي فقد كان ذاك التاريخ سببا لتغيير مدينه وتأسيس مستقبل جديد يملؤه الأمل.. كل من يراه في وقتنا هذا يتذكر ذلك الماضي القاتم الذي يسعدون بتذكره ولكنهم يدركون الآن ان من يريد اظهار الجمال في أي شيئ يستطيع، فكل مكان له اناسه ومثلما يوجد اشخاص يكترثون للتحسين يوجد هنالك اضعاف ممن يملكون شغف التغير.

    يتوافد السياح الذين جاؤا من خارج المكلا ليروا مفاتن مدينتنا ، واختيارهم الأول غالبا ما يكون خور المكلا؛ فقد ذاع صيته في كل مكان والصور التي تنشر له في الإنترنت تجعل كل من يراه يشتاق لرؤيته، وكل من يزور المكلا يتساءل عن مكانه اولا وهذا ما لمسته من احد اقاربي الذين جاء لزيارة المكلا.

    يُعد الخور الواجهة السياحية لمدينه المكلا ومن اهم المعالم السياحية في حضرموت. وينقسم الخور الى جزئيين: الشرج والمكلا القديمة ويوجد جسران مشاة احدهم يربط بين حارتين الغار الاحمر، وباجعمان، وجسورا اخرى للمركبات .

    كل من يمشي على مستوى الخور يجد فيه العديد من الاستراحات التي يمكن ان يقضي بها بعض الوقت مع عائلته او ان ينفرد بنفسه مطلا على ذلك المنظر الجميل.. وما يجعل النفس مرتاحة بتلك الإطلالة تلك الشجيرات الخضراء التي تضيف لمسه جمالية من لمسات الطبيعة، فريدة من نوعها تشد الناظرين.. وايضا الكافتيريات التي تتواجد على اطلالة الخور فمثلا نجد كافتيريا النجم التي تقدم اشهى الوجبات ويتوافد اليها الكثيرون تجد الروائح تملىء المكان منها روائح البراوطه والبطاط المقليه والبرجر وكأس من الشاهي الحضرمي الاصيل الذي تستطعم فيه اصالة المدينة وطيبة قلوب أهلها.

    غالبا ما نجد بعض هواة الرياضة يقومون ببعض التمارين الرياضية؛ كالمشي على حواف الخور يستنشقون هواءه العليل ويستمتعون بمنظره الخلاب؛ هناك لا يشعر احد بالملل.. ولا ننسى المراكب التي تأخذ الزوار في جولات على مستوى الخور ذهابا وايابا .

     وفي كل مرة نجد بعضا من الاشخاص في جسر المشاة يلتقطون بعض الصور من زوايا مختلفة، كل زاويه تحوي اناسها وذكراها.. اطلالة الخور تلك التي لايمكن الا ان تلفت لها وربما تجد الاشخاص يكررون نفس الالتقاطه لنفس المكان وفي كل مرة، لا يملونه ابدا، اشبه بسحر استحوذ على كل عين تراه.

   يحبذ بعض الاهالي الذهاب للخور ليلا فهو يُعد ملاذًا ليليًا لهم وذلك بسبب طقس المكلا المعروف بحرارته في فترة الليل..حيث نجد انعكاسات اضواء المدينة تتلألأ على مياه الخور ويتوافد اكثر الناس اليه في نها ية الاسبوع ليقضوا بعض الوقت ويسترخون هناك وتسمع اصوات الاطفال الذين جاءوا مع عائالتهم تتزايد؛ ففي الخور توجد ايضا حديقة للاطفال تسمح لهم باللعب والركض والاستمتاع بوقتهم.

    ولا ننسى المولعين بمباريات كرة القدم فمن يعرف الخور او زاره سابقا لابد انه رأى بعض الشباب الذين يتجمعون في بعض الكفتيريات التي تعرض بشاشاتها الكبيرة البث المباشر للمباريات, ترى اجواء التفاعل والحماس تستحوذ على المكان كلا يشجع فريقه.

   حاولت مغادرة المكان لكن شيء ما مازال يشدني إليه فهل يا ترى لذلك المساء الساحر سر، أم للسماء الملبدة بالغيوم التي تُبشر بقدوم المطر قد فعلت فعلها في فؤادي فجعلتني اسيرة الزمان والمكان.