زيارة مصيرية ومهمة قام بها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى سوريا، حسب وصف الإعلام الإيراني. مهمة في إطار التوتر العسكري في سوريا بين الحرس الثوري ومعه ميليشيات حزب الله اللبناني وباقي المجموعات التابعة لطهران مقابل غارات إسرائيلية متواصلة كان آخرها هجوم على موقع بمنطقة تدمر، أدى إلى مقتل 9 عناصر موالية لطهران.
فالغارات الاسرائيلية تنجذب تلقائياً نحو مواقع انتشار القوات المدعومة من قبل إيران في سوريا، وهي طالت مركز قيادة يشرف عليه حزب الله اللبناني قرب منطقة السخنة يُعنى بمتابعة العمليات بالبادية ومعسكر تدريب خاص بالحرس الثوري الإيراني يقع بمنطقة التليلة قرب تدمر بالإضافة للقاعدة الايرانية المتموضعة ضمن مطار تدمر العسكري ومواقع أخرى.
مصادر سورية نبهت إلى أن تزامن الغارات الإسرائيلية مع زيارة ظريف، ليس أمراً عادياً، وهو لم يحدث سابقا، ولكنه يؤشر إلى حجم التوتر الذي تعيشه الحدود بين لبنان وإسرائيل بالإضافة إلى سوريا، حيث أدت غارة "محسوبة" قبل أيام إلى تدمير سيارة أحد قياديي حزب الله بعدما عبر الحدود اللبنانية إلى سوريا، فيما فتحت ميليشيات حزب الله ثغرا في الشريط الحدودي اللبناني الإسرائيلي.
في الشكل عاشت الحدود اللبنانية الإسرائيلية هدوءاً تاريخياً التزمت فيه ميليشيات حزب الله بعدم خرق وقف إطلاق النار منذ عام 2006، رغم أن الغارات الإسرائيلية قتلت العشرات من قياديي وعناصر الميليشيات في سوريا، من القنيطرة إلى دمشق ومحيط مطارها وصولاً إلى منطقة القلمون وحمص وحلب، حيث لاحقت طائرات إسرائيلية أهدافا وصفت بالضخمة.
ورغم أن زعيم حزب الله حسن نصرالله هدد الإسرائيليين عبر خطاباته، إلا أن ميليشياته لم تتقدم من الحدود مع إسرائيل بشكل نهائي، إلا في حالتين، الأولى حفر أنفاق تحت الأرض استعملت لتهريب المخدرات والأموال، ودمرتها إسرائيل.
والثانية، قبل عام قتل قيادي بالحرس الثوري الإيراني ومعه مسؤول من حزب الله، فهاجمت الميليشيات دورية إسرائيلية في مزارع شبعا، الموجودة ضمن أراضي الجولان.
التوتر إذاً والذي كان يستهدف مواقع "الحرس" والميليشيات بسوريا يبدو أنه بدأ بالانتقال نحو الأراضي اللبنانية، فالغارات الإسرائيلية تطلق صواريخها على مواقع الإيرانيين من فوق مناطق لبنانية، والطائرات المسيرة الإسرائيلية لا تغادر الأجواء اللبنانية بشكل نهائي، فهي تسجل تحركات المسؤولين بحزب الله، من الجنوب إلى بيروت والضاحية والبقاع.
في المقابل جاءت عمليات فتح ثغرات بالشريط الحدودي والتي قام بها حزب الله كإشارة على تغير الموقف الإيراني من حصر نقاط الاشتباك مع إسرائيل في سوريا، والتهديد بنقلها صوب لبنان، هذا التبدل ربطته مصادر بالضغوط التي تعيشها طهران بسبب انخفاض أسعار النفط والعقوبات الأميركية التي لم تتوقف.
وربطاً بما حصل خلال الأيام الأخيرة مع ناقلة مواد كيماوية من هونغ كونغ اختطفها الحرس الثوري، وأعاد إطلاقها بعدما جرها إلى مرفأ إيراني، وتبعها التعرض لدوريات أميركية في مضيق هرمز في محاولة لافتعال اشتباك.
المصادر نبهت إلى أن طهران ترى في هذه المرحلة الفرصة المناسبة للتفلت من العقوبات بسبب برنامجها النووي، وهي تستغل وجود وباء كورونا وانشغال العالم بالتخلص منه للضغط الذي يصل إلى حافة الهاوية، أي أنها تهدد بالحرب ضد الأمريكيين وفي لبنان وسوريا واليمن وحتى العراق لدفع واشنطن إلى قرار التراجع عن العقوبات.
وكما يبدو فإن إيران بعد مقتل القيادي في "الحرس" قاسم سليماني تتخبط في إشعال الصراعات بشكل عشوائي، وهو ما وصفته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية بتشويش الطموح الإيراني "الذي أدى إلى قرار مواصلة الدوس على دواسة البنزين، التي توصل في النهاية إلى قعر الهاوية".
24 - أبوظبي