حذاري أن تخشوا فعل الرخاص أيها الأحرار ؛ لأنهم ما إن يقدم لهم الفتات من المال المدنس ، حتى يخروا ساجدين ، بل يهوون وراء ذلك الفتات إلى مكان سحيق ...
وما أسباب كل ذلك الرخص يامرشد ؟ إنه سلوك وراثي أكثر منه حاجة أو فاقة ياسامي ، إن الرخاص موجودون في أي مجتمع ، بل هم يشبهون الفئران في تفكيرهم وتصرفاتهم تماما ، أتدري ماوجه الشبه بينهم وبين الفئران ياسامي ؟ كلا يامرشد ، إنني لا أعرف شيئا من أوجه الشبه بين الرخاص والفئران ، سوف أقوم بشيء من المقارنة بين الشبيهين ، لعل في ذلك استحضار لشيء من أوجه الشبه بينهما ؛ إن الفأر إذا ماوضعت له شريحة من شرائح الطماطم أو البصل ، وقد غمستها في السم الناقع قبل أن تضعها طعما لذلك الفأر الغبي الرخيص ، فإنه ما إن تبتعد عنها بخطوات حتى يهوي إليها دون أدنى تريث أو تفكير ، ظنا منه أنه قد ظفر بوجبة دسمة ، وهنا يصبح قتيلا لقلة حيلته ، وضعف تدبيره ، وعمى بصيرته ، وماوجه الشبه في هذا الأمر يامرشد ؟ صبرا علي ياسامي ، ودعك من العجلة فإنها قد تذهب بك إلى ماذهب إليه الفأر ...
الأمر الأول في التشابه ؛ أن رخص الفأر قد أورده الهلاك من أجل لقمة كان بإمكانه الحصول عليها من خلال العمل الشريف والكد النظيف ، وهكذا الرخيص من البشر ، تجده يلهث وراء المال المدنس والحرام ، ويبيع الشعب الذي ينتمي إليه وقبل ذلك الوطن حتى وإن كان ذلك على حساب كرامته وشرفه وحريته وهويته ودينه ، لكنه يدرك في وقت لاينفع الندم أنه قد ذهب إلى مهاوي الردى ، وأن مافعله لايختلف أبدا عما فعل الفأر ...
لكن الأمر الأخطر الذي يتشابهان فيه هو أن الفأر يعد الناقل الأكبر لوباء الطاعون الذي يفتك بالإنسان والحيوان ، وقبل ذلك يفسد الأرض ويسمم تربتها الخصبة فيهلك الزرع ويجفف الضرع ، وكذلك الرخيص من البشر ، إن خطره لايقل عن خطر وباء الطاعون إذ يعمل ليل نهار في بيع الأحرار ، ويفرط في الهوية والكرامة ، ويتنازل قبل ذلك عن الأرض ، ويقبل المساومة في العرض ...
وهل حقا يأتي الرخيص بكل هذه المصائب والويلات يامرشد ؟ أجل ياسامي ، إنه أشد خطرا وأكثر عارا على الوطن والمواطن مما ذكرت لك ، لكن نهايته عادة ماتكون وخيمة بل هي أدهى وأمر من نهاية ذلك الفأر الذي انطلق وراء شريحة الطماطم المسممة ...
ولك أن تتعظ وتعتبر إن شئت من سقوط ذلك الفأر الرخيص أمام مرأى ومسمع الجميع ........