على خلفية الانتصارات التي حققها فريق المغرب في المونديال، تبرز أصوات العديد من الجماهير وحتى من الفئات الاكاديمة والمثقفة العربية، بعودة الاندلس للحضن العربي، وهذه الأصوات التي تحشر التاريخ السياسي بحدث ومناسبة رياضية ماهي إلا انعكاس لما تعانيه شعوبنا العربية من ضعف وهزيمة في جميع النواحي والمستويات . يطالبون بحقهم في الاندلس و هي وإن كانت في فترات تاريخية ممتدة تحت سلطة العرب إلا أنها كانت أرض شعوب أخرى غيرهم، أنشاوا عليها تاريخهم وحضارتهم فهل كرة القدم بالنسبة للعرب اليوم تعد انتصارا سياسيا وعسكريا، بداية من استضافة قطر للمونديال، وما تحاول أن تسوقه بالدور الإسلامي في تقبل الآخر والتعايش والسلام، دعونا نفكر بصوت عال إذن. هل هذا الخطاب العربي هو دعوة للتعايش والسلام في الوقت الذي يروج فيه للدعوة الإسلامية على اعتبار أن الشعوب الإسلامية هي أحق بحكم العالم، من منطلق الشرعية الإلهية التي في رأي المسلمين أن الله هو من اختارهم ليكونوا قادة العالم ليحكموا باسمه؟ وهل الدعوة للتعايش والسلام هي محاولة لفرض الدين الواحد على شعوب الأرض؟ منطقيا وإنسانيا لا يقبل العقل أن يوصم العالم بطابع ديني وثقافي واحد، فكل حضارات العالم منذ قديم الأزل لها خصوصية ثقافية وإنسانية تختلف عن غيرها، الحضارة الصينية والهندية والآشورية والبابلية حتى حضارة المايا والهنود الحمر وغيرها. لا يمكن أن نلغي ونمحو هوية العالم المتنوعة ثقافيا ودينيا، فالدعوة إلى التعايش هي قبول الآخر بثقافته المختلفة. عودة إلى المونديال الذي اصبح للجماهير العربية نصرا دينيا وسياسيا، لا مناسبة رياضية، حتى على مستوى صعود المغرب للنهائيات وتحقيقه نصرا أمام الفرق العالميةلتحوله هتفات الشعوب العربية إلى نصر واستعادة للأندلس، شعوب لا تملك أن تعيش بكرامة في أوطانها العربية، ولم تستطع أن تحقق مقدارا ولو بسيطا من التقدم العلمي والتكنورلوجي، حتى أن أغلب النوادي العربية تستعين بالمدربين الاجانب، فلماذا ننكر حق تلك الشعوب في أرضها، لماذا لا نفكر أن نصحح أوضاعنا في أوطاننا بدلا من أن نفكر في استلاب أراضي الآخرين، فهم قد حققوا التقدم والمدنية والحياة الكريمة والحرية لأوطانهم. مانراه اليوم من خطاب لا يدلل أبدا بأننا تجاوزنا ثقافة الغزو والفتح، لثقافة السلام والتعايش والاعتراف بحق الأمم الأخرى بحقها في العيش والحرية والأمان.
مبروك للمغرب الفوز الرياضي .