مقراط صحفي لامعٍ في اليمنِ شمالهُ وجنوبهُ كاتبَ لهُ أسلوبهِ ولهُ جمهورهُ الخاصُ الذي ينتظرُ كتاباتهِ وله طريقتهِ في الطرحِ وفي توصيلِ أفكارهِ ورسالتهِ . .
مقراطْ ابنَ أبين الذي اختلطتْ حواسهُ واعتصرتْ تجاربهُ معَ معاناتها وربما تفطرتْ قدماهُ مشيا على أرضها الطاهرةِ . . تعلمُ منْ أهلها البساطةِ والكرمِ ومنْ طبيعتها الخلابةِ وعبقِ ريحها الفواحَ التواضعُ والإنسانيةِ التي كما يبدو مغروسةٌ في أعماقهِ وهذا يلاحظُ بوضوحِ لا تخطئهُ عينُ منْ خلالِ لمساتهِ الإنسانيةِ على الفقراءِ والمستضعفينَ منْ قداما المحاربينَ والمثقفينَ الذي انقطعتْ بهمْ السبلُ مرضى أوْ طحنوا تحتَ خطِ الفقرِ نتيجةَ شحهِ ما يحصلونَ عليهِ منْ فتاتِ أوْ حتى حرموا . .
مقراطْ لايكلْ أبدا بينما تجدهُ يقطعُ مسافاتٍ طويلةً على الأقدامِ قاطعا عشراتُ الكيلوهاتْ ليزورَ مريضا أوْ يواسي مقعدا عرفهُ أوْ سمعَ بهِ تحتَ صليلِ الشمسِ المحرقةِ تصهرُ جسدهُ النحيلَ . .
تراهُ صباحا هنا في عدنَ ومساءِ هناكَ في لحجِ أوْ أبينُ يحملُ قلبهُ الرحيمُ بينَ يديهِ ليحاولَ بقدرِ المستطاعِ يزرعُ بسمهِ هناكَ أوْ يجففُ دمعةَ حزنِ هناكَ . . .
منْ الطبيعيِ أنْ نختلفَ معَ مقراطْ في نظرتنا لكثيرٍ منْ الأمورِ وفي تقديرنا لكثيرٍ منْ المسائلِ وهذهِ سنةٌ كونيةٌ وطبيعةُ بشريةٌ لكنْ علينا أنْ لا نبخسهُ تفوقهُ الصحفيَ والإنسانيَ وقدراتهُ الفذةُ على التواصلِ وجلدهِ في التحملِ منْ أجلِ أناسٍ ليسَ لهُ بهمْ مصلحةٌ ذاتيةٌ ولا يرجو منهمْ أيَ مقابلِ هذهِ صفاتٌ منْ صفاتِ اللهِ في خلقهِ وهيَ العطاءُ المتناهي منْ أجلٍ الآخرينَ . .
في العامِ الأخيرِ كنتَ قريبا منْ مقراط كثيرا ونحنُ نرتادُ منتدى واحدٌ . . فهوَ رجلٌ صامتٌ عميقٌ التفكيرِ بينَ ثنايا صمتهِ ثورةً منْ الأفكارِ . . لايجيدْ الثرثرةِ كثيرا أوْ تنميقِ العباراتِ . . لكنهُ كرسامٍ عندما يحملُ الريشةَ يرسمُ لوحاتِ بديعة وريشتهُ هيَ قلمهُ الأنيقُ التلقائيُ يخطُ مقالاتٍ سريعةً منْ الحركةِ كمحاربٍ يتحولُ منْ المسيرِ إلى الدفاعِ أوْ الهجومِ باحترافية متناهية.
مقراطْ يراهُ كثيرونَ أنهُ يبحرُ عكسَ التيارِ والكثيرونَ كتابَ وروادِ تواصلِ واحياننا زملاءَ قدْ جردوهُ منْ جنوبيتهْ . . . لكني اراهُ منصفٌ في كتاباتهِ ينظرُ لكلِ الكأسِ الممتلىْ منهُ والفاضي . . وشجاعٌ جدا في طرحهِ مهما كانَ.
يمتلكُ مقراطْ علاقاتٍ كبيرةً جدا وقبولٍ منْ الكثيرينَ منْ يتفقُ معهُ ومنْ يختلفُ لأنهُ يحيدُ الاحترامُ والتعاملُ ولا يرضى بالظلمِ أوْ التزلفِ أوْ المهادنةِ معَ أكبرِ كبيرٍ . . . هذا الاحترامِ أكسبهُ جمهورٌ ينتظرُ كتاباتهِ على حرارةِ الجمرِ . .
أنا اعتبرَ أنَ مقراطْ مدرسةً صحفيةً فريدةً فهواءَ صحفيٍ تصلُ مقالاتهِ إلى أقاصي الأرضِ والى أعلى هرمِ السلطةِ والأحزابِ السياسيةِ والنخبِ العسكريةِ والدبلوماسيةِ في كلِ مكانٍ بينما هوَ بلا صحيفةِ تذكرٍ ولهُ أسلوبهُ في إيصالها ومقالاتهِ مؤثرةٌ تجدها حديثُ الساعةِ في كلِ مكانٍ . .
ربما سيأتي يومٌ يدرسُ هذا النوعَ منْ التأثيرِ وهذه المدرسه الفريده التي تخص مقراط وحده.
أخيرا أباركُ للأخِ مقراطْ التكريمُ منْ منتدى اليابلي وهذا استحقاقٌ أتمنى أنْ يعممَ على الكثيرِ منْ المنتدياتِ . . .
اعتذرَ منْ الأخِ مقراطْ لان الحيزِ القصير هذا ربما خانني لأعطيهُ حقهُ في ما أكنهُ لهُ منْ تقديرٍ وما يستحق.