أنصفوا الأموات لتنالوا ثقة الأحياء

 بداية نبارك للموظفين الجنوبيين عسكريين ومدنيين المبعدين عن وظائفهم قسراً إصدار أو توقيع رئيس مجلس القيادة الرئاسي القائد الأعلى للقوات المسلحة د. رشاد العليمي يوم أمس القرار رقم ( 42) بترقية 52766 ضابط وصف من القوات المسلحة، ووزارة الداخلية والأمن السياسي، والقطاع المدني من المبعدين قسراً من وظائفهم في المحافظات الجنوبية، والمؤلم أن معظم من شملتهم القرارات قد توفاهم الأجل وهم في انتظار إنفاذ القرارات الجمهورية الرئاسية الصادرة بإعادتهم للخدمة ومنحهم تسوياهم وترقياتهم التي صدرت بتاريخ 6 فبراير 2014م بقرارات جمهورية بالأرقام (8,9,10,11,12,13) والتي شملت تقريبا أكثر من 3104 ضابطاً بالإضافة إلى 8 قرارات أخرى بأرقام (14-21) جميعها إصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي في نفس العام 2014م على أن يتم العمل بها من تاريخ صدورها.   عدم الإشارة إلى مصير تلك القرارات، وكيفية تنفيذها، وهل تم إدماجها في إطار القرار الأخير رقم (42) الذي لم يفهم، هل هو وقع أم اصدر بسبب التناقض الواضح في تناول الخبر المنشور في موقع وكالة سبأ للأنباء مما يثير الدهشة والتساؤلات، هل هي قرارات مكررة أو مصادقة على قرارات جمهورية صدرت من الرئيس هادي، أم محاولة للتهرب مما يترتب عليها من استحقاقات مالية لفترة تزيد عن تسع سنوات مضت منذُ اصدارها، فمعظم المشمولين فيها توفاهم الأجل وهم في انتظار أن يفرحوا بها، حتى أسرهم يشعروا أنها فرحة منقوصة،  فعدم إنصاف الأموات يفقد الأحياء الثقة بالقادم.    قد يتفهم الضابط والموظف المدني الوضع الذي تمر به البلد، وحقيقة العراقيل التي حالت دون إنفاذ تلك القرارات الرئاسية، مما اضطرت الجهات المعنية، الانتظار لإنفاذها مع القرارات الجديدة، لكن التذاكي أو محاولة التضليل والتحايل على الموظف المقهور المبعد من وظيفته قسراً، هو أبشع من الظلم نفسه لأنه يصدر ممن ينتظر منهم إنصافه، ومنحه حقوقه، وهذه الكارثة بعينها، التي لا يستوعبها العقل حتى في أشد الأزمات وجعاً.    عموماً إصدار أو توقيع القرارات الجديدة بترقية وتسوية الموظفين العسكريين والمدنيين الجنوبيين المبعدين قسراً عن  وظائفهم، هي خطوة ممتازة ورائعة، وبدرجة رئيسية هي نتاج عمل شاق للجنة الرئاسية، التي عملت في أصعب الظروف، وبذلت جهود كبيرة تشكر عليها ونرفع لها القبعات إجلالاً وتقديراً لما قامت به بالإضافة إلى أن تحريك هذا الملف يعد أبرز ما يمكن التحدث به عن نجاحات مجلس القيادة الرئاسي منذُ إعلان تشكيله، وللأمانة أتذكر المعلومات التي وصلتني (من مصدر موثوق) عما دار في الاجتماع ، الذي عقد في بداية أكتوبر العام الماضي بالرياض لمناقشة الوضع المعيشي للمواطن، والمواقف الصريحة والواضحة، التي أبداها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي سيادة اللواء ركن  فرج سالمين البحسني خلال مداولات المجلس حول القضايا والملفات التي طرحها، بقوة على الطاولة، ومنها إنفاذ القرارات الرئاسية الخاصة بتسوية المبعدين وانهاء هذا الملف وصرف كل مستحقات المشمولين مع بداية العام الحالي.    كنت اتمنى إنفاذ القرارات الرئاسية في وقتها ليفرح بها زملائنا المشمولين، وأسرهم الذين طال انتظارهم لينالوا الإنصاف، وبعض منهم رحلوا عن الدنيا بحسرة وقهر، جراء الظلم الذي طال حياتهم، بسبب إبعادهم قسراً من وظائفهم.   نأمل أن يتم التنفيذ هذه المرة بدون مماطلة أو تذاكي على حقوق البسطاء، وإنصاف المظلوم سوء كان تحت الأرض أو فوقها لترتسم الفرحة على وجوه أبنائهم وأسرهم من بعدهم، فأنصفوا الأموت لتنالوا ثقة الأحياء.