نحن أمة لا تفيد من ماضيها

    حاول الصهاينة ومازالوا يفتعلون المصائب ويزرعون الفتن في أقطارنا العربية لكي ننشغل عن فلسطين وننسى قضيتنا المركزية ولكن هيهات هيهات لما يصنعون ، حقا لقد خذلت الفلسطينيين أمتهم العربية على وجه الخصوص ، ولكن لله في ذلك حكمة ، ربما كانت الأنظمة العربية كثيرا ماتعبث بقرارهم ، وتحارب من تحت الطاولة مقاومتهم ، وفي الوقت نفسه تنصر وتناصر عدوهم الصهيوني عليهم ؛ لذلك كانت المقاومة الفلسطينية أقل إرادة وأضعف قوة تجاه العدو الصهيوني ، مقارنة بقوة فعلهم وإرادة قرارهم ، وقهرهم لإرادة الصهاينة وإفشال مخططاتهم اليوم ؛ وذلك لأنهم اعتمدوا على أنفسهم ، وعرفوا عدوهم ...     نكتفي بهذا التمهيد لنبدأ الحديث في سردية الليلة ؛ قبل أن يظهر فصيل الجهاد الإسلامي المقاوم بهذا الزخم الكبير في مواجهة العدو الصهيوني ، ويكتسب هذه الشعبية الواسعة في فلسطين وخارجها ، كان لدينا  طالب فلسطيني يدرس في كلية الحقوق بجامعة عدن ، وكان زميلا لابني وصديقا مقربا منه ، الأمر الذي جعلني أعده واحدا من العائلة هذا إذا لم أكن أعده واحدا من أبنائي ؛ ولأن الفلسطينيين أكثر العرب ذكاء ، وأسرعهم تكيفا مع الآخر ، استشعر حبي له خاصة وللفلسطينيين عامة ، بل علم جيدا اهتماماتي اللامحدودة بقضية العرب المركزية القضية الفلسطينية ؛ لذلك كان يكثر من مجالستي ، بل كان يقضي في التحدث إلي الساعات الطوال ؛ ولأنه من أبناء غزة ، كنت أوجه له كثيرا من الأسئلة ، منها ؛ حدثني يافتحاوي أي الفصائل المجاهدة في غزة أقرب إلى نفوسكم وأحب إلى قلوبكم ؟ فيجيب ، الجهاد الإسلامي هي الأكثر حبا والأقرب قبولا في  قلب المواطن الغزاوي ، قلت : وما الذي جعل هذا الفصيل يستأثر بقلوبكم ويستهوي نفوسكم يابني ؟ قال : إنهم أكثر صدقا في المعاملة ، وأكثر زهدا في السلطة ، ولايوجهون بندقيتهم إلا نحو العدو الصهيوني ؛ لذلك تجد الصهاينة يعدونهم العدو الأول في فلسطين بل العدو الأخطر على وجود كيانهم الهزيل في فلسطين .     صدقت يابني ، فهذا مانراه ونلمسه واقعا يتجسد أمام أعيننا يوما بعد يوم ، غير أن مايسهدني ويؤرقني يابني هو ما أراه من فرقة وتمزق بين قيادات فصائل المقاومة الفلسطينية وكذلك بين أقطارنا العربية ، وكأنهم لايقرأون التاريخ ، لماذا لايفيدون مما حصل في الأندلس ذات يوم ؟ أولم يربو عدد ممالك الأندلس عن العشرين مملكة ، الأمر الذي جعلهم لقمة سائغة أمام عدوهم بل سهل عليه ابتلاعهم واحدة بعد أخرى ، وكذلك مانراه اليوم من العدو الصهيوني إذ يستفرد بهم كل فصيل على حدة إذ استطاع أن يحيد بعضهم عن المعركة ، فيجعلهم يتفرجون على إخوانهم وهو يحاول ابتلاعهم والقضاء عليهم ، وكأن الأمر لايعنيهم ، مع أنهم يعلمون يقينا أن العدو الصهيوني ما إن ينتهي من ذلك الفصيل حتى يعود للقضاء على ذلك الفصيل المتفرج ، فضلا عن علمهم اليقيني بأن عدوهم جميعا واحد ، وأن المعركة واحدة ، والأرض واحدة ، وأن دينهم واحد ، ودمهم واحد ، ولغتهم واحدة . حقا أستاذي الفاضل إن كلامك حق ، وقولك صدق ، ولكن يبدو أننا أمة لاتفيد من ماضيها ، ولاتهتم لحاضرها ، ولاتعمل لمستقبلها إلا من رحم ربي .