العيسي أسقط القضاء قبل أن تسقط الحكومة

وقف رجل الأعمال ومدير مكتب رئاسة الجمهورية أحمد العيسي حاملا بيده ملفات الفساد ونادى بصوت مرتفع مطالبا بفتح ملفات ومكافحة الفساد وتسريع المحاكمات وملاحقة المرتكبين لجرائم الفساد ، لكن مجلس القضاء والنيابة العامة كانوا يغطون في نوم عميق ، لأن التعينات التي أجراها الدكتور رشاد العليمي أدت إلى تفكك وتفتت بل وانهيار القضاء ، حيث شكل مجلس القضاء الأعلى من أعضاء نيابات ، مما أدى إلى الاختلال العدلي .

 

بدا أن رشاد العليمي يجري إصلاحا قضائيا ، في حين أنه كان يطيح بأعلى سلطة قضائية ، وما تشهده أروقة القضاء اليوم من ممارسات لم تؤد إلى رمي مرتكب واحد من هوامير الفساد في السجن ، الفساد يطفح من ملفات ، الكهرباء والاتصالات وقطاعات النفط والبواخر وعمولاتها وأراضي المنطقة الحرة والمزايدة بالعملة وممارسات الحكومة لنشاطها بدون ميزانية وتهريب العملة إلى الخارج ومئات الملفات التي رماها أحمد العيسي في وجه القضاء .

 

وإذا ما توقفنا أمام التعينات واختلال العملية من أساسها ، فإن ذلك سيجعلنا نكف المطالبة من المحاكم أن تقيم العدل وهي تملك عدة شغل مشكوك فيها ، لا يجيد هؤلاء القضاة سوى الصمت الذي يقتل ضحايا أخرين ، وكأن ملفات الفساد تحتمل ترف الانتظار ، وسيظل القضاة يتفرجون على أبشع ما عرفه التاريخ اليمني من فساد وتهاوي المؤسسات .

 

لا أبالغ إذا قلت إن المواطن اليمني لا يفهم موقف النيابة العامة تجاه ملفات الفساد ، وكأن القانون في عرف النيابة العامة وجهة نظر ، بل كأن المجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة أصبحوا قادة محاور لأطراف القوى السياسية وهناك تبديد للنظام الدستوري وتأسيس علاقات غير سوية مع أقطاب الحياة السياسية ، عكس ذلك نفسه على المواطن اليمني والدفع بأكثر من 80% إلى تحت جسر الفقر .

 

قبل أن يفجر العيسي القنبلة في وجه معين عبد الملك وحكومته ، فجرها أيضا في وجه القضاء ووضعه أمام مسؤليته الدستورية والقانونية ، فصمت القضاء هنا يرقى إلى مستوى الجريمة المنظمة ، فمن الذي كف يد القضاء ، أهي التعينات الخاطئة وتداخل اختصاصات النيابة بالقضاء ، أم هو التسييس الذي أصاب القضاء ووجود قضاة ضعاف ليس لديهم القدرة على حمل أمانة القضاء ؟

 

ينتظر اليمنيون انتفاضة حقيقية على مستوى القضاء والنيابة العامة ، لقد بات القضاء في مرمى الشك والعجز غير قادر على إحداث ثورة في أروقته لكسر محظور الحصانات والمضي بملفات الفساد إلى النهاية ومحاسبة مرتكبي جرائم الفساد وإهدار المال العام وسرقة اليمنيين ، ننتظر من القضاء أن يقدم النموذج من داخل بيته ، لذلك ما زلنا نؤمن أن في فم مجلس القضاء الكثير من الماء وسيأتي الوقت ليضع الرأي العام أمام الكثير من المعطيات .