الرجل الذي إختلف حوله الجميع

بوفاة العميد الركن/ علي حسن الشاطر يغلق الباب عن زمن طويل عريض إنتهى ليبدأ زمنا آخر لا ندري له رائحة وطعما …

 

بوفاة الرجل يغلق الملف عن مرحلة أو مراحل عاصرها وكان جزءا منها وفي ذاكرته الكثير الكثير الكثير من أسرارها ، اسرارها كمرحلة ، أسرار الأشخاص الفاعلين وكذا أولئك الذين كانوا على الهامش ويحاولون تأليف سيرعظيمة لهم وما كانوا في العير ولا في النفير…

 

يمكن للواحد أن يقول عن علي حسن الشاطر الكثير خاصة وفي هذه الجزئية من قبل من يظهرون شجعانا في الأوقات الضائعة !!!

 

الرجل ظل محل إختلاف الناس فيه …

 

من معه رأوا فيه كل القيم التي يبحثون عنها ويروجون لها .

ومن ليس معه فيدبج القصائد في ذمه وتبيان مساوئه ...

 

هنا يجب على المرء أن يكون شجاعا في تقييم أو محاولة تقييم الرجل الذي اختلف حوله الجميع …

 

في التوجيه المعنوي كان الرجل قاسيا حيث تستدعي الوظيفة القسوة ، فلا فصال في هذا ، فأي عمل مرتبط بالإعلام يضعك امام خيارين ، اما ان تكون هنا أو تكون هناك ، في الإعلام كما يقال لسان النظام كما هي المخابرات قلبه ومعظم الوقت عقله …

 

الناس هم أنفسهم حولوا علي الشاطرالى بعبع مخيف ، وهنا الجهل يلعب دوره ، حيث يحول الجاهل صاحب الأمر إلى " الهة " معظم الوقت …

 

ظل الرجل مخلصا لمن يتولى كرسي السلطة ، ربما الانضباط العسكري يفرض ذلك ، لكن الذين كانوا من غيرشلته حملوه كل الأوزار، وإن ظل بعبعا بالنسبة لهم ..

 

يمكن هنا أن اتهم علي حسن الشاطر بكل الموبقات خاصة وقد توفى وقبلها اختفى من المشهد ، لكن عليك اولا ان تكون القانون والدولة ، لست كذلك حتى اتهم أوأبرئ ، هذا شغل القانون الذي تم تغييبه من الواقع ليسكن الملفات في الأدراج لنظل نتغنى بدولة القانون والدولة نفسها ظلت طوال الوقت شخص ، والقانون في جيب شيخ !!!

 

كان الجميع يخاف علي الشاطرو يهرب من أمامه وسترى مستقبلا من يدعي الشجاعة عندما يكتب وهي منه براء …

 

علي الشاطر في الاخير مثّل مرحلة بكل حسناتها وسيئاتها ، أين تضعه منها ؟ كان في القلب منها من لحظة أن تم تعيينه في التوجيه المعنوي أيام الحمدي والغشمي وعلي عبد الله صالح …

 

سيغضب كثيرون عندما نقول ان علي عبد الله صالح كحاكم فرض على واحد مثل الشاطر أن يكون كما كان ويتحول إلى عنوان مهم للنظام ، وهنا يصح القول انه هو وليس غيره الصندوق الأسود لمرحلة بدأت بالحمدي مرت مرور الكرام أيام الغشمي لتطويل وتستفحل وتصبح ظاهرة لم يقرأ اسرارها أحد !!! كما هو المعتاد انقسم الجميع بين مع و ضد !!!

 

في التوجيه المعنوي يمكنني أن أشهد أنه أسس وبنى مؤسسة قوية ماليا واداريا وأن يحول صحيفة سبتمبر إلى مقصد يذهب إليه من اهتم بمعرفة اسرار الحكم في هذه البلاد وكذا النخبة الحاكمة …

 

أشهد أنه كان ذكيا واستفاد ، لكنه ترك التوجيه خزانته ممتلئة وإمكاناته كبيرة ، في وقت ترك غيره مكانه وقد باع حتى الصحون !!!

 

ظل الشاعر وفيا لما مثل ، واشهد انه لم يكن حقودا ، ان احبك تستفيد بقدر ذكاءك اوفهلوتك ، وان اختلفت معه لا يلاحقك مقابل من هو لئيم يبتسم في وجهك ويطعنك في ظهرك في نفس الوقت !!!

 

خلال مرحلة طويلة ظللت أنظر للرجل على انه شيطان رجيم ، علي أن أكون صادقا ، فقد حسبت على الدوام على يحيى العرشي بل صنفنا والمساح على أننا كذلك ، الأمر هنا مدعاة فخر لا شك فيه ابدا …

 

في ظل تلك الشيطنة التي اعتمدتها للرجل صورة في ذهني ، كنت تفاجأ برسالة من صحيفة 26 سبتمبر بتوقيعه تدعوني للكتابة في مناسبة ما كعيد الثورة ، وفي النقابة وكنا اعضاء الهيئة الادارية وبرغم أنني كنت اتجنبه ، فلا يتردد في نهاية كل جلسة أن يطلب مني كتابة خبر عما تم ، وعندما أتجاهل الأمر يوم ان تلاسن مع المساح فلا يحقد …للأمانة

 

لاشك في انه يعمل بكل قوة على أن يسيطر على الإعلام ، لكن الاستاذ يحيى العرشي لم يقبل ، وذات صباح مسح بي الأرض عندما ذهبت اليه وقلت إن اليوميات تغيرت " فقد أرسل علي الشاطر" يوميات اخرى ، ظل يحيى العرشي لايقبل من أحد ممن يتبعونه تجاوزه و بالمطلق وعندما سأله الرئيس عن ذات خبرة ذات ليلة رد عليه بأن ليس لديه علم ، قال الرئيس : قد علمت به أنا ، رد العرشي :

 

لانك تسمح لمن يتبعني بالتجاوز والوصول اليك ، وترك الوزارة يومها كما تركها اكثرمن مرة …

 

لن ادخل في دوامة مع وضد لاغرض لي أن أشوه صورة هذا وانتصر لذلك ...

 

سيأتي من يكيل كل التهم للرجل في الوقت الذي كانت النخب كلها منغمسة في الفساد حتى أذنيها والمال السائب يعلم السرقة …

 

لقد بلغ اليأس ذروته لدى الأستاذ عبد العزيز عبد الغني عندما رأى أن " الدولة أصبحت راعية للفساد " …

 

عندما اُبعد علي الشاطر من التوجيه المعنوي دعاني إلى عرس أحد أنجاله ، كنت يومها متوليا أمرا مؤسسة الثورة ، لم أتردد في الذهاب ، وعندما مددت يدي قال :

 

ياعبدالرحمن بجاش منعتم عني الصحيفة ، فالتزمت لحظتها باعادتها من صباح اليوم التالي وكل مطبوعات المؤسسة …

 

وعندما توفي والدي اتصل بي معزيا …

 

وعندما كتبت عن ما قام به الحاج علي محمد سعيد معنا من لحظة وفاة الوالد وهوصديقه من ستين عاما كما ردد في أذني كلما قلت يا حاج احرجتني بكرمك ...

 

نفس ليلة مانشر عمود ن …..والقلم ، على غير عادتي تركت تليفوني مفتوحا ، ليرن عند الثانية عشرة ليلا ، اجبت :

 

*من معي ؟*

 

*فورا رد :*

 

*علي الشاطر لحظتها وخلال جزء من الثانية قلت :*

 

*ماذا يريد مني ؟*

*نعم يافندم* 

*قال هكذا وبأمانة :*

*يا عبدالرحمن بجاش ابكيتني ، قلت :*

*أيش حصل ؟*

*قرأت ما كتبته ثلاث مرات* 

*قلت :*

*شكرا*

*وعندما خرجت من مؤسسة الثورة ، اتصل بي ليلا :*

 

*هل صحيح قدمت استقالتك ؟*

 

*قلت :*

*ابعدني رجال الله بعد أن اعتمدت الميزانية الأكبر للمؤسسة التي توليتها وديونها مليار و200 مليون ريال ، اعتمدت ميزانية بمليار و500 مليون ريال ..ابعدت ثالث يوم بعد أن هنأني يومها وزير الإعلام بالميزانية …*

 

*في العام 2017 كان عرس هشام وحسام ، دعوت الشاطر، وجاء الى العرس كثيرون جدا على رأسهم د. المقالح والاستاذ يحيى العرشي ..وجاء علي الشاطر، دخل الى الأولاد وسلم عليهم وعند خروجه قالها لي :*

*" علي الحرام والطلاق ياعبد الرحمن بجاش ماعاد اذهب الى اي قاعة عرس بعد ضربة القاعة الكبرى ، لكنني أتيت لأنني قصرت في حقك "* *اخوتي حولي سمعوا ماقال …*

 

*من يعتبر علي الشاطر شيطانا رجيما لن يعجبه ماكتبت ، هذا حقه.*

 

*ومن يحب علي عبد الله صالح لن يعجبه جملة* *ماكتبت ..وهذا حقه ايضا* 

*ومن يحب علي الشاطر قد لا يعجبه ما قلت كله أو بعضه ، أيضا هذا حقه* 

*فانا لم اتحدث عن الشخص بل عن الرجل العام …*

 

*انا قلت بعض ماعندي ..*

*لست الدولة* 

*ولست القانون* 

*ولست قاضيا اتهم هذا وابرئ ذاك ..*

*وكما قال أحدهم وقد قلت له يوما :*

*يكفي ...*

*رد ضاحكا :* 

*يوم الحساب نتحاسب كلنا ..*

*ما اكرره هنا أن الرجل لم يكن حقودا ...*

 

*هذا غيض من فيض …*

*أدري انني خضت في الأشواك ، انا حامل قلم ومهنتي الكتابة ..لابد أن أقول شيئا .*

 

*رحم الله العميد/ علي حسن الشاطر*

*وعند الله تجتمع الخصوم .*

 

*عبد الرحمن بجاش* 

*14 يوليو 2023*