آيزنهاور حاملة الطائرات الإمريكية عادت مرة أخرى إلى البحر الأحمر ، مع أن عمليات الحوثي قد دخلت في حالة خفض التصعيد، وأن مخاطره على الملاحة الدولية بأتت تنحسر شيئاً فشيئاً ، إلا أن مثل هكذا عودة ربما تدخل في سياق المتغيرات القادمة في الشرق الأوسط، وتحديداً إحتمال إجتياح رفح والجرائم التي سيرتكبها جيش الإحتلال ، وما يعنيه ذلك من تصعيد محتمل في البحر الأحمر، وإن كان تصعيداً بلا نتائج محددة ، وأخذ تهديد الحوثي في توسيع نطاق استهدافاته على محمل الجد، ومن باب الحيطة ترقب أسوأ الإحتمالات.
هزائم الحوثي في مواجهاته الداخلية التي يحاول خوضها في عديد المناطق المحررة، تعيد تقييم موازين القوة، وأن لا شيء يقطع بأن الحوثي لايزال يحتفظ بسابق قوته ، وأنكسار إندفاعاته الداخلية في اكثر من جبهة ،تخرج من الإحتمالية إلى الحقيقية المؤكدة.
ما يحتاجه الداخل ليس أكثر من تصحيح قوامه المسلح بالهيكلة وإعادة الإعتبار للمهنية والجندية الوطنية، وإنفتاح الخارج على صعيد دعمه التسليحي ، والأهم رفع الغطاء السياسي عن الحوثي وإسقاط الرهان عليه كجماعة وطنية وطرف تسوية، وماعدا تلك المحددات لا يحتاج الداخل الوطني سوى تعزيز التفاهمات الداخلية الداخلية، والإنتقال من حالة التشظي العسكري السياسي ، إلى إدارة الحرب بأدوات حديثة ومن غرفة عمليات مشتركة ، وجعل كل إرث الصراع الماضوي خلف اللحظة الراهنة الحاسمة .
من الحماقة إسقاط الحوثي من حسابات الخطر الجمعي، وفتح قنوات إتصال معه من تحت الطاولة لتسجيل نقاط على خصم سياسي على حساب كل الوطن.
نعم يمكن إعادة إنتاج اللحظة التاريخية مجدداً حين وصلت القوات إلى مشارف صنعاء ، وانتج تلاحم القوات الجنوبية مع قوات الشرعية بالوصول إلى بوابة الحديدة، كما تمكن العمالقة منفردين من تحرير إحدى مديريات مأرب ،وكان يمكنها لولا غياب التنسيق من تحرير كل مأرب والبيضاء .
نثق أن مغادرة الهواجس وتظهيرصورة وشكل دولة مابعد الحوثي، والتحرر من سلطة الإرتباب المتبادل ، من شأنه أن يجفف إستثمار الحوثي في مساحة الخلاف ، ويدفع حتمية إسقاطه خطوات متسارعة صوب النصر.
القوات الجنوبية تقاتل وينبغي لها توسيع شراكاتها السياسية العسكرية دفاعاً عن مشروعها ، حيث يغدو رحيل الحوثي مصلحة جامعة لأطراف شتى من قوى الداخل وحتى الجوار.
الحوثي رغم جعجعته وتحشيداته ، إلا أن هزيمته ممكنة بعد رفع الغطاء عنه وتمتين التقاربات الداخلية، وتطمين الجميع ان لا عودة للدولة المركزية المستبدة ، والإنفتاح المسبق على التنوع وحقوق الاخر ، بعد إنجاز كل هذا يغدو الخلاص من الحوثي ليس إستعصاءاً ، ولا فرضية بلا حيثية على الأرض ، بل حقيقة وعلى بعد رمية حجر.