بينما تشهد الدول الرأسمالية استقرارًا متصاعدًا منذُ سقوط الاتحاد السوفيتي، لا تزال العديد من الدول التي تبنت النهج الاشتراكي في سبعينات وثمانينات القرن الماضي تُعاني من تداعيات الانهيار، من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إلى الجزائر والعراق وسوريا والسودان والصومال، لبنان، تونس، أفغانستان، باكستان، ومصر تُشكل خريطة الأزمات المعاصرة فيها شواهد حية على تحولات جيوسياسية عميقة.
فبعد انهيار المعسكر الاشتراكي، فقدت العديد من دول الجنوب درعها الجيوسياسي، وتحولت هذه الدول من فاعل في الصراع الأيديولوجي إلى مجرد ساحة لتطبيق سياسات القطب الواحد.
ولعل تحول العراق من دولة ريعية إلى دولة منهكة بالحصار ثم الاحتلال.
إن آليات التأثير غير المباشرة، كالحروب بالوكالة، واستخدام الفواعل غير الحكومية لزعزعة الاستقرار، والحروب الاقتصادية باستخدام العقوبات والمنظمات المالية الدولية كأداة ضغط..ثم الحروب المعلوماتية؛ بتشويه النماذج التنموية المستقلة.
ولو أخذنا اليمن الديمقراطي كأنموذج للتحديث الاجتماعي إلى دولة فاشلة، والجزائر من تجربة تنموية طموحة إلى أزمة سياسية مزمنة، وليس ببعيد سوريا من محور مقاومة إلى ساحة صراع إقليمي ودولي.
لا نهدف إرجاع كل الأزمات إلى"نظرية المؤامرة"، بل لفهم التحولات الهيكلية في النظام الدولي التي جعلت دول الجنوب عرضة للاضطراب.
السؤال الذي يضع نفسه.. هل يمكن بناء أنموذج تنموي مستقل في ظل نظام دولي أحادي القطبية، وكيف؟