يقوم كثير من الأشخاص بأنشاء مجموعات للتواصل الاجتماعي بين جماعة من الأشخاص تجمعهم مصلحة او مهنة او وظيفة او ثقافة او هوية معينة, ويستخدم الشخص الذي يقوم بأنشاء المجموعة رقم هاتف معين, ويقوم هذا الشخص المسئول بإضافة مجموعة اشخاص الى المجموعة في الواتس اب,و تضيق دائرة المشاركين في المجموعة او تزيد بحسب أهمية الأشخاص اعضاء المجموعة او ما تتناوله المجموعة او تنشره والواتس اب وسيلة نشر شبه مجانية وواسعة الانتشار, ويستطيع الأشخاص المضافين الى هذه المجموعات في الواتس اب نشر الاخبار والمقالات والصور الفوتوغرافية والفلمية بالإضافة الى نشر الكتب والدراسات والأبحاث ,وبعض المجموعات تضع ضوابط للنشر وتبين محظورات النشر وانها غير مسئولة عما ينشره أعضاء المجموعة وغالبها لا تضع ضوابطا ولا تنبه الأعضاء الى ذلك بل انها لا تنتبه الى المسئولية القانونية التي تترتب عليها جراء النشر غير المنضبط ,ومظاهر المسئولية القانونية للنشر في هذه المجموعات تتمثل في أربعة مستويات من المسئوليات:
اولاً: المسؤولية الجزائية : الجرائم التي تقع بواسطة الواتس اب جرائم كثيرة وخطيرة منها جرائم الأهانة والتشهير والسب والقذف واثارة الفتن والقلاقل ونشر الصور الخليعة والتحريض على ارتكاب الجرائم والإساءة الى الدين والانبياء والرسل …وغير ذلك كثير, وجميع الجرائم التي تقع بواسطة الواتس اب مركبة أي ان كل جريمة منها تتكون من فعلين ماديين مستقلين فمثلاً جرائم النشر يكون الكاتب مسئولاً جنائياً عما كتبه وبعد ان يقوم بنشره بواسطة الواتس اب تقع جريمة أخرى وهي جريمة النشر التي يسال عنها شخص اخر وهو الناشر او مدير المجموعة وتكون جريمة النشر اخطر من جريمة الكتابة ,فمثلا في جريمة التشهير لو كتب شخص ما كتابة معينة تتضمن جريمة التشهير بغيره ولم ينشرها فلا مجال لمسائلة جزائيا أما اذا قام بنشرها في المجموعة فان الناشر يكون هو المسئول عن نشرها ولا يعني هذا افلات الكاتب من العقاب ولكن تكون عقوبته دون عقوبة الناشر ,وكلما اتسع نطاق المجموعة ونوع المشاركين فيها كلما زادت مسئولية الناشر مدير المجموعة ولاسيما وان الرسائل المنشورة بالواتس اب تنتشر من مجموعة الى مجموعات عدة وهنا تكمن حظورة الجرائم التي تقع بواسطة مجموعات الواتس اب, وعند انشاء نيابة ومحكمة الصحافة والمطبوعات اذكر أني اعددت دراسة اوصيت فيها تحديد مفهوم الصحفي الذي ينبغي ان يمثل وحده امام تلك النيابة والمحكمة وحينها لم يكن (الواتس اب) قد ظهر ,لان نيابة الصحافة ومحكمتها نوعية تختص بفئة معينة وهم الصحفيون الذين ينطبق عليهم مصطلح الصحفي حسبما عرفه قانون الصحافة والمطبوعات وبناء على ذلك فلا يمثل امام نيابة ومحكمة الصحافة الا الصحفيين فقط وبعد ان ظهر الواتس اب ووسائل النشر الكتروني الأخرى واستعملها كل افراد المجتمع تقريبا فلا يعقل ان يكون هذا النشر صادر من صحفيين ,وبناء على ذلك فان النيابة والمحكمة المختصة هي القضاء العادي وليس محكمة الصحافة ,فلا يعقل ان يمثل كل من يستعمل وسائل التواصل امام محكمة ونيابة الصحافة فالنيابة العادية والقضاء العادي هو المختص بالتحقيق والعقاب لغير الصحفيين وقد حدد قانون الجرائم والعقوبات النافذ جرائم العلانية والنشر وبين المقصود وذلك من الباب السادس بعنوان جرائم العلانية والنشر حيث نصت المادة (192)من ذلك القانون على انه (يقصد بالعلانية في تطبيق هذا الباب الجهر والإذاعة او النشر او العرض او اللصق او التوزيع على الأشخاص دون تمييز بينهم في مكان عام او مباح للكافة اوفي مكان يستطيع سماعه او رؤيته من كان موجودا في مكان عام وذلك بالقول او الصياح او الكتابة او الرسوم او الصور او اية وسيلة أخرى من وسائل التعبير عن الفكر ويعتبر من العلانية مجرد التوزيع على الأشخاص دون تمييز بينهم ولوكان ذلك في مكان غير عام) ومن استقراء هذا النص القانوني نجد الواتس اب يندرج من ضمن وسائل النشر التي تجعل الجرائم علانية.
ثانياً: المسئولية المدنية عن النشر بواسطة الواتس اب:
اذا كان ماتم نشره في الواتس اب جريمة من الجرائم طبقاً للقانون فيحق للمضرور طبقا ًلقانون الإجراءات النافذ ان يرفع دعواه المدنية بالتبعية للدعوى الجزائية وان يطالب بتعويضه عما لحقه من ضرر جراء الجريمة, عندئذ يقوم باختصام مرتكب الجريمة والناشر للجريمة مع التأكد على ان الاضرار المترتبة على جرائم النشر والعلانية والتشهير يكون المسئول فيها بنسبة اكبر هو الناشر ,لان ضرر النشر اكبر من ضرر الفعل,كما قد يكون المنشور في الواتس اب تشهير بحزب سياسي او جماعة او تشهير بشركة او مؤسسة او منتج او بضاعة ووفقا للقواعد العامة فيحق لهؤلاء المطالبة بتعويضهم عن الاضرار التي لحقت بهم جراء النشر.
ثالثاً: المسئولية الأدبية او الفكرية :
وهي أيضا مسؤولية يتحملها الناشر (صاحب رقم التلفون الذي قام بأنشاء المجموعة) وتتأسس هذه المسئولية على الحق الفكري والادبي فإذا ماتم نشر كتب او رسائل او أبحاث او اعمال فنية او فكرية في الواتس اب لم يأذن بنشرها صاحب الحق الفكري او لم يقوم هو بنشرها بداية فان ذلك يعد اعتداء على الحق الادبي او الفكري للمؤلف او المصنف يستطيع بموجبه المطالبة بتعويضه.
رابعا: المسئولية الإدارية:
وهذه المسئولية الإدارية او النظامية تتم من قبل الجهة الأشرافية على وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي (وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات) فطبقاً للقوانين واللوائح الناظمة للاتصالات فيحق لها ان تقوم بالمسائلة الإدارية للناشرين لخروجهم على قواعد وضوابط النشر وختاما :نوصي مديري المجموعات في الواتس ومشرفيها او مديريها بالانتباه الى هذه المسئوليات السابق ذكرها وهذا هو الغرض الأساسي من نشر هذه المقالة كما ينبغي ان تراعي ضوابط النشر هذه المسؤوليات المشار إليها , وكذا اتخاذ التدابير الوقائية للحيلولة دون الوقوع تحت طائلة المسئوليات السابق ذكرها والله الهادي الى سواء السبيل .