تعز..من أدمى ركبتيها؟

 

شوقي اليوسفي*

حين تبحث عن تعز في المرة المقبلة لن تحتاج الى من يدلك الى ثقب كبير ، هي خلف الصخرة هناااااااك لن تجد سواها ترتدي عزة وتتكئ على ذاكرة ملتهبة ، اذهب اليها .. سلها بصوت مرتفع من أدمى ركبتيها ومن أخفى تحت معطفها رغيف طفل مات البارحة من الجوع ؟!!

2_ لم تنحن لموجة صقيع باردة حين كان جسدها عاريا إلا من وجع يتمدد جوارها .. شاهدتها ترضع أطفالها أمنيات طائشة وحين يشبعون ترمي أمامهم فتات وطن ضل طريقه الى قلبها !!

3_ المدينة هذه المرة لن تفهم ماتقوله ، سوف ينطق قلبك ببراءة وثمة من يفهم بسوء ، كل ما كنت تشاهده في الواقع صار أحلاما وردية ، سٲسدي اليك نصيحة - اخفي الشيئ العالق بصدرك فهو المبرر الوحيد لبقائك مشرقا - ذكريات طفولة ، اول حب، سنة أخيرة دراسة ، اول راتب ، مولود في موعده ، تجربة ناجحة ، زواج موفق ، مدينة صالحة ، كانت مدينة ثم صارت سكرات موت ..

4_ المدينة على حواف السفح تتدلى خائفة ، ليس في عروقها حياة ، جافة ومرتبكة ، لم تجد منذ وقت طوييييل من يمد اليها يده، كل من يدفعها الى أعلى يعود لشدها الى اسفل كٲنما مكتوب عليها ان تبقى رهينة رغبات متوحشة ..

5_ قرٲت في ثقافات الشعوب ، طائفة صينية يعتقدون ، أكل الدجاج في العزاء يساعد روح الميت على الذهاب للجنة ، لدينا في المدينة طائفة تٲكل ماطاب لها من جثث وتعتقد ، ٲكل الابرياء سوف يحقق لها حلم الجلوس مع الله داخل قصر من ذهب في الجنة ، طائفة أخرى يسلكون طريقا أشد عتمة ، يبحثون عن الله في نفق يقودهم الى الجحيم .. لافرق بين نزيف يخرج دفعة واحدة وبين موت يتجزٲ طالما والمدينة تتبخر وتصبح فقاعات ملونة .

6_ اخفض صوتك وانت تتحدث عن افراد عصابات يضعون احذيتهم في أفواه البسطاء ، هؤلاء ليس لديهم مايخسرونه في مدينة ينام ويستيقظ سكانها على اصوات خفقان قلوبهم، ثمة من يطرق الباب بقوة والى جواره يقف ثعبان جائع .. اغلق فمك ولاتسٲل ضيفك في هذا الوقت المتٲخر من الفزع عن فرصة أخيرة يمنحها لك مقابل قطرة دم يروي بها ظمٲ روحه .. انج بنفسك فحسب ..

7_ المدينة التي أحببناها أكثر مما ينبغي وأحبتنا أكثر مما نستحق يشدنا اليها حنين وأنين ، كيف تنمو المشاعر الدافئة في مدينة يتوق سكانها فقط لسبع ساعات يغفون فيها دون أن يوقظهم صوت استغاثة او احساس بالهلع .

8_ تعز .. حافة اسحاق ، وادي المدام ، الجحملية ، المجلية ، سوق الصميل ، الباب الكبير ، النسيرية ، وادي القاضي ، باب موسى ، ثعبات ، الجمهوري ، الشنيني ، الزنقل ، بيرباشا ، المسبح ، صبر ، الدائري ، الحوبان ، المخٲ ، الروضة ، حوض الاشراف .. خليط من أفراح وأتراح ، نظرة مثقلة بالٱسى وسحابة تجر خلفها أمنيات .. ابتسم انت في مدينة تذهب معك الى حيث تجد روحك مجزٲة ، تغادران مع حكايات تبدٲ من فتح مبين وتنتهي داخل حفرة بعمق وجعك !!

9 _ لاسبيل لهذا الحزن سوى أن تفتح الطرق المؤدية الى أفعى تحفزك على القفز الى بطن الحوت .. 
حرارة السم لن تقتلك كما يقتلك أخ كان الى ماقبل ان تفقٲ عينيه يعني لك الحياة ، لاتسٲله عن أمه التي أرضعتك وانما عن شهيق وزفير مدينة كانت ومازالت جديرة بأن تدمعان دم من أجلها .

10_ لاكيف يمكننا أن نتخيل مدينة بلا قلعة ولا جبل ولا أنثى تبيع الفطير ، ثمة طفل في زقاق الموت يقطع المسافة الى حضن أمه بٳقصى وجع ، لسنا على مايرام وخلف الجدار شمس وقمر يركلان الضؤ باتجاه مدينة لاتكترث بما يقترفه ذئب جائع لكنها فقط معنية بتجهيز وجبة أطراف باردة ورئتين مثقوبتين احتفاء بآت لا نعرفه ..

*من صفحة الكاتب