الحديدة هي اليمن

     كانت نظرتي تجاه أهلنا في محافظة الحديدة، كانت نظرة قاصرة وغير صحيحة ومخالفة تماماً للحقيقة والواقع الملموس والمُعاش هناك. فقد كنتُ حتى قبل ظهور المسلسل الرمضاني " همي همك " وحتى بعده بل والى عهدة قريب ، كنتُ أعتقد أن رجال الحديدة عبارة شواتر ونساءها عبارة عن زنابق وشابها عبارة جعافر ، كنتُ اعتقد أن غالبية أهلنا في تلك المحافظة هم بنفس بتلك العقلية و على نفس تلك الشاكلة.

     ولكنني تفاجئتُ والله بالحقيقة التى توصلتُ اليها بنفسي وصرتُ اليوم أعرفها عن تلك المحافظة وحقيقة طبيعتها وأهلنا فيها وأنا اليوم أعرف أكثر من خمس مئة شاعر وشاعرة من تلك المحافظة واعرف أيضاً مثلهم أو أقل منهم بقليل هم عبارة عنْ مدربين ومدربات واعلاميين واعلاميات من تلك المحافظة وفي نفس الوقت لا يتجاوز عدد الشعراء والشاعرات والأعلاميين والإعلاميات الذين أعرفهم من محافظتيّ إبّ وتعز مجتمعتين، لا يتجاوزن ذلك العدد بل حتى نصفة .

    كما أني اليوم أعرف عن أهلنا، أهل الحديدة البسطاء الطيّبين، أعرفُ عنهم أمورً وأشياء كثيرة جداً ما كنتُ أعرفها منْ قبل . فأنا اليوم أعرفُ بأن الحديدة هي المحافظة الوحيدة التي لا تحتاجُ لتعيش فيها الى إخفاء هويتك أو تغيير لقبك اوتغيير لهجتك أو رقم لوحة سيارتك ... الخ؛ وذلك لأن الحديدة هي المحافظة الوحيدة التي تشعر بها بأنك في محافظتك وأن كُلّ أهلها هم أهلك وطبعاً يرجع السبب في كُلّ ذلك الى صفاء وطيب قلوب أهلها والى طُهر ونقاء نفوسهم ورُقي وسمو ثقافتهم فكرهم والى نسبة الوعيّ الكبيرة في عقليتهم والى كرم وأصالة وعراقة معادنهم ودماثة أخلاقهم الراقية العالية النبيلة السامية.

      ولهذا أنا اليومَ أبكي على حالهم جراء تلك الحرب الجائرةُ،الظالمة، وعلى ما يلاقونه فيها من ويلاتها وعذابات الحروب وتبعاتها وأنااليوم وأنا أبكي وأتألم على حالهم المأساوي ذاك، أدعو وأقول اللهم أذل وأهلك وأقصم ظهر من ظلم وطغى وتجبر وسعى الى أذلال وظلم وتعذيب أهلنا في تلك المحافظة الكريم والطيب أصلها، البُسطاء،النظاف،الأنقياء، الصالحون أهلُها.

 اللهم أمييين