لقد ضيعت إيران فرصة ذهبية بعد توقيعها على الاتفاق النووي منتصف عام 2015م، الذي كان مخرجاً لها من الأزمات الخانقة في العمل على تطوير برامج صناعية سلمية، تعود فائدتها في تحسين الاقتصاد بشكل عام، والعمل على تطوير التجارة والزراعة والتعليم والصحة.. إلخ، من مرافق وخدمات تعود لمصلحة الشعب الإيراني المغلوب، ولكن المؤسف أن النتيجة كانت عكسية تماماً؛ حيث زاد الفساد في بضعة شهور في هياكل النظام. فقد زادت الأرصدة المالية في جيوب الملالي وجلاوزتهم من الحرس الثوري؛ مخالب الخامنئي الشيطانية القامعة للأصوات الإيرانية الحرة، والعابرة حدود أرضها لافتراس الشعوب العربية. وذلك بمزيد من الدعم اللامحدود للميليشيات التابعة لها في المناطق المتنازع عليها، خاصة ميليشيات الحوثي الإجرامية بحق الشعب اليمني. أضف إلى ذلك الدعم اللوجستي المباشر من طهران بتزويدها بصواريخ باليستية مستهدفةً الأراضي السعودية، وما زال هذا الشأن مستمراً إلى كتابة هذا المقال. كل هذا الدعم الخارجي لفروعها؛ ضيع عليها فرصة إصلاح شأنها الداخلي، ما سيعجل بسقوطها في الوقت الحاضر.
فهذا النظام لا يتعظ بنظام الشاه الذي كان قبله؛ فقد بدد الشاه محمد رضا بهلوي ثروات شعبه على أمورٍ زائفة؛ حتى آل به المطاف بسقوط عرشه وطرده من إيران.
وفي سياقٍ آخر للخروج من هذه الأزمة الراهنة، يتذرع الرئيس الإيراني حسن روحاني بأنه سيكون هناك هدوء واستقرار في الأسواق، كما سيتم تأمين العملات الصعبة التي يحتاجها الشعب الإيراني، معتبراً أن ما قام به الرئيس الأميركي دونالد ترمب بخرق الاتفاقية النووية هو حرب نفسية، وتابع؛ لن نسمح له بالضغط الاقتصادي والسياسي، وشعبنا أكثر اتحاداً اليوم.
ثقة عمياء تحت وطأة الضغط الشعبي، فقد اشتدت الأزمة حتى وصلت إلى عنق الزجاجة. خواء بلا حدود ليدعي هذه التصريحات الجوفاء التي لم ولن تنطلي على شعبه. وفي السياق ذاته، كرر تهديدات أسلافه بإغلاق مضيق هرمز! وهي إشارة لدول الجوار بمنعها من تصدير النفط، ما يقوض مصالح أمريكا في المنطقة، فهذه الأقوال الدعائية التي اعتدناها لا تخرج إلا من عقول صبيانية، وهي ممارسة الحمق السياسي. ولا يمكن أن تطبق هذه الأقوال، فلو طبقتها فهذا يعني انتهاكا للقوانين الدولية، وهو حق لجميع الدول للملاحة من خلاله، وبالتالي سيواجه النظام المجتمع الدولي بالعقوبات الصارمة التي حتماً ستقضي عليه نهائياً.
ويبدو لي أن إيران أمامها عدة طرق لمواجهة أزمتها الاقتصادية وهي: مواجهة أمريكا وحلفائها بالطرق الدبلوماسية مع التخلي عن برامجها العسكرية، والكف عن طموحاتها التوسعية، وعدم التدخل في الشؤون الخارجية من دعم الإرهاب وغيره. وهذه المسائل لا تتحقق إلا بإسقاط نظام ولاية الفقيه، والمصالحة مع المعارضة الإيرانية. وإن لم يبت في هذا العمل؛ فالثورة قائمة لا محالة.