لم يتعظ آل بدر الدين مما جرى لآل حميد الدين، فأعادوا سيرة الكهنة السابقين، فأعاد اليمنيون سيرة الزبيري والقردعي والنعمان والآباء الجمهوريين...
صمدت مأرب... فشلت محاولات شق صفها... وخاب أمل الذين انتظروا أن تأتي مأرب إلى "السايلة"... مأرب أكبر من "التوزة والقاوق"... مأرب أعمدة التاريخ... والذين لهم تاريخ لا يتبعون من لا تاريخ له... وملوك سبأ أقدم من جمجمة كاهن نسجت فيها العنكبوت خيوطها...
يحقد الحوثيون على مأرب لأنها قالت للعالم إن نموذج البطولة يمني لا كهنوتي، وإن اليمن لا يمثله الكهنة بل يمثله أحفاد الملوك... كسرت مأرب الصورة آلتي زيفها الحوثي لنفسه، صورة من لا يُهزم، ولا يُقهر... ورأى العالم الكهنة ينكسرون في مأرب، وتتشظى صورتهم الزائفة... الحوثي ليس بطلاً، بل ثعلب ماكر لعب على التناقضات ليوهم اليمنيين بأنه قوة قاهرة، ولما تغلبت مأرب على التناقضات كسرت خشمه وصورته...
صمدت مأرب فتحركت تعز... تعز التي ظنها الحوثي مجموعة من "المبنطلين" الصعاليك الذي لا يحتاجون أكثر من طقم حوثي بثلاثة من "العكفة" لكي تعود إلى طاعة أحمد حميد الدين، فخرجت لهم مدينة الرسوليين لتقول لهم إن حزام بنطلون طالب في كلية الآداب يمكن أن يتحول إلى عجلة مجنزرة عند الحاجة... تعز التي علمت اليمنيين معنى الثورة والجمهورية... تعز الصابرة المحتسبة... وويل للظالمين من ثورة الصابرين المحتسبين...
من مأرب إلى تعز...يمن واحد يرفض الكهنوت، ويستلهم ميراث الحميريين العظام...
إن البلاد التي خرج منها قادة الجيوش التي ذهبت شرقاً إلى بلاد ما وراء النهرين وغرباً إلى الأندلس، هذه البلاد لا يسودها إلا من يختاره أهلها، لا من كذب على الله أنه أمر بتوليه...
هذا الشعب أكبر من الجُبّة التي تحاولون حشره فيها أيها الخارجون من صفحات الكتب الصفراء... إن الشعب الذي ينتسب إليه بُناة الحضارات القديمة في الشرق القديم لن يكون رعية لكاهن امتهن الدجل والشعوذة والكذب على الله...
لن تغلبنا الكهانة... ووالله لو سيطر كهنة السلاليين على اليمن كله من صعدة إلى عدن لما كان عندنا ذرة شك في هزيمتهم... و"إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب".