فاعتبروا ياأولي الألباب ..........

مساك الله بالخير ، مساك الله بالعافية والسرور ياضال ، لم أكن أتوقع أن ألتقي بك في هذا المكان ياصديقي !!! بلى ياضال فأنا أكره الظلام كثيرا إلا إذا كان على شاطئ البحر فإني استمتع إذ أنظر إلى ظلمات البحر فأستشعر الخوف والرجاء من الخالق فضلا عن إيقاع الأمواج المنتظم الذي يذكرني بإيقاع الموسيقا وعروض الخليل ، فأسبح في الأعماق - ولكن ليس في أعماق بحر العرب الماثل أمامك - وإنما في أعماق ألفاظ ومعاني ذلك الثائر العربي العظيم القائل : وطعم الموت في أمر حقير ** كطعم الموت في أمر عظيم هيا دعك ياصديقي من هراء الشعراء وفلسفة الأدباء ، واسمع مني فإني قد جئتك من سبإ بنبإ يقين !!! وما ذلك النبأ اليقين الذي بجعبتك الليلة ياضال ؟ لقد سمعت خبرا يشيب من هوله الولدان ! قل ياضال فإن هدرك للوقت إنما هو قتل لمتعتي ....لقد وصل إلى مسامعي أن أمريكا قد أصدرت توجيهاتها إلى بعض الدول العربية بإيواء المتعاونين الأفغان في أراضيهم واستيعابهم ضمن شعوبهم  ... ولكن من هم هؤلاء المتعاونون الأفغان ياضال ؟ إنهم الأفغان الذين كانوا يتعاونون - أي يقدمون المعلومات ويدلون على مواقع المقاومة وقادتهم لكي يسهل القضاء عليهم  وتتحقق سرعة التحرير ويحل الرفاه الاقتصادي - مع الجيش الأمريكي إبان معركته ضد طالبان وتحريره لأفغانستان ....أهاااااه تقصد الخونة والعملاء الذين ينصرون الغزاة الطامعين على أهلهم وبلدهم !!!!!! ماهكذا الأمر ياصديقي ...أولم يأت الجيش الأمريكي ومعه الجيوش الغربية لانتشال الأفغان من الجهل والفقر والتخلف ؟؟؟؟؟ كلا ياضال ماهكذا الأمر فبئس العقل عقلك إن كنت تقرأ الأمور بهذه البساطة وتصدق مايقال بهذه السذاجة !!! ولكن هذا مانسمعه من الإعلام العربي صباح مساء ياصديقي ... ذلك إعلام متعاون ياضال لايختلف شيئا عما كان يقوم به المتعاونون الأفغان ..... لقد شتت أفكاري وأوهنت قواي بأقوالك هذه ياصديقي ، هذه هي الحقيقة ياضال وسوف أزيدك من الشعر بيتا إن أصغيت إلي وصبرت قليلا علي ، لابأس ياصديقي فهات ماعندك ... كنت تلميذا في الصف الخامس الابتدائي في العام الرابع والسبعين بعد التسعمائة وألف بمحافظة تعز بعد أن تم تهجيرنا من مضاربة لحج وكنت أرى جماعات كبيرة من البشر ، يختلفون عنا أنهم خنس الأنوف ( فطس ) ، شعر رؤوسهم أكثر نعومة من شعرنا ، فضلا عن أن لغتهم ليست عربية ، وعندما نسأل من هم هؤلاء ومن أين جاءوا ؟ يقولون لنا إنهم يمنيون هاجر آباؤهم وأجدادهم إلى فيتنام وظلوا هناك إلى أن قامت أمريكا بغزو فيتنام لتمكين عملائها من الحكم  هناك ، الأمر الذي اضطرهم إلى الرحيل والعودة إلى بلدهم اليمن ....مرت السنون وإذا بي في ليلة من الليالي أشاهد فيلما يحكي غزو الجيش الأمريكي للشعب الفيتنامي العظيم ، فارتسم في ذهني من ذلك الفيلم كيف صمد المقاومون الفيتناميون في وجه الصلف الأمريكي والغطرسة الغربية حتى هزمت جيوش الاستكبار وانتصرت فيتنام الأرض والإنسان .... والأهم من ذلك كله أنني رأيت كيف تعامل الجيش الأمريكي مع المتعاونين عندما هربوا من بطش المقاومين الأحرار  إلى السفارة الأمريكية لعلهم يحظون بحماية عند أسيادهم الأمريكيين ، لكن الأمر كان أعظم ياضال إذ لم يكن الأخير يستطيع حماية نفسه وكان في حالة تسابق على صعود الطوافات وكذلك صعود البوارج البحرية ، فكان الأمر مهولا جدا وأنت ترى الضباط الأمريكيين يدوسون بأقدامهم على رؤوس المتعاونين من الذكور والإناث ورميهم من على أجسام الطوافات إلى الأرض ومن البارجات إلى البحر دون رحمة أو خجل ....وكذلك هو الأمر اليوم في أفغانستان ... فما أشبه الليلة بالبارحة ياضال ... وفي ذلك دروس وعظات فاعتبروا يا أولي الألباب ...