عظماء في الزمن الاستثنائي الغريب

حقا إننا نعيش زمنا استثنائيا غريبا ، المتمسك فيه بأخلاقه وقيمه ومبادئه المنبثقة من دينه القويم ووطنه المتسامح  كالغريب بل كالقابض على الجمر أو أشد من ذلك تعاسة وشقاء وبؤسا ، ومع ذلك كله مازال في وطني عظماء وكرماء وشرفاء ، لم يستطع هذا الزمن الغريب العجيب أن يفل شيئا من معادنهم النقية أو يخدش في صفحاتهم التي جسدت كثيرا من مبادئهم السامية وأخلاقهم الرفيعة التي طالت عنان السماء سموا وعلوا ، تجدهم لايضمرون للآخرين إلا الحب وكأن قلوبهم قد خلت من الكره ، ولاتتحدث ألسنتهم  إلا بالصدق وكأنها لاتعلم أن هناك شيئا آخر اسمه الكذب  ، وليس لعقولهم إلا التفكير في البناء وكأن ذاكراتهم لم تختزن مصطلحا نقيضا يدعى الهدم . ينماز هؤلاء العظماء بأمور كثيرة ، رحلت تماما عن السواد الأعظم من مجتمعنا الراهن أو تكاد ... أسرد منها النزر اليسير للتمثيل فقط : تجدهم مخلصين في عملهم - وهم يعملون - لاينتظرون جزاء ولاشكورا إلا من الرقيب الأعلى ، لايلتفتون إلى الخلف مهما ارتفعت أصوات مفرقعات اللئام والحاسدين والحاقدين والمثبطين ، يستحيل أن يجد اليأس طريقا إلى مشاريعهم لأن التفاؤل هو ديدنهم ، ترتسم الابتسامة الدائمة على أفواههم تجاه الخصم والحبيب على حد سواء ، يفرحون للآخرين إذا أصابهم الخير - أكثر من فرحهم لأنفسهم - وإن كانوا من خصومهم ، يحزنون كثيرا إذ ما أصاب مكروها خصومهم بل يألمون لذلك لأن مصطلح الشماتة ليس له مكان في مفرداتهم ....... فهنيئا لك الجائزة الكشفية أيها العظيم الرائد الكشفي منصور عامر  ، هنيئا لك الجائزة ياصاحب القلب الكبير ، هنيئا لك الجائزة ياصاحب العقل الحكيم ، هنيئا لك الجائزة يارب القلم الرصين ، هنيئا لك التخليد من قلم لايعرف المواربة ولا النفاق ، من قلم لطالما صدح بكلمة الحق وهو يعلم جيدا الثمن الباهض الذي دفعه ومازال وسيبقى يدفعه مابقي في هذه الدنيا الحقيرة ؛ لأنه يؤمن إيمانا مطلقا أن ثمن الكلمة الحرة غاليا جدا لكن قيمتها أعظم وأكبر من الدنيا ومن عليها .... مبارك لك أخي الحبيب هذا التميز والتألق ... وإلى أن نلتقي بك فيما هو أعظم . فأنت أحد العظماء الذين لايصدر عنهم إلا العظيم ، وتحية إجلال وإكبار للمتنبي إذ قال :

على قدر أهل العزم تأتي العزائم ** وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغار صغارها ** وتصغر في عين العظيم العظائم