النصر الأول لليمن المعاصر ......

لست ممن يرى في النصر الكروي تعويضا عن الإخفاقات والانكسارات التي تمر بها بلادنا بلاد العرب السعيدة . ولست من المهووسين  بكرة القدم أو ممن يهدرون الوقت في متابعة أحداثها أو ممن يحزمون أمتعتهم للسفر من أجل حضور مهرجاناتها ولقاءات فرقائها ، ومع هذا فإنني لا أنكر المتعة التي أجدها عندما أشاهد نادي ريال مدريد في الملعب يخوض النزال الرياضي بأرقى الفنون الرياضية ويهندس الفوز بإبداع عجيب .... أما فوز اليمن الكروي الليلة فهذا أمر آخر وله إيقاع مختلف ، ربما لا أجد نفسي قد بالغت إذا ماوصفته بالانتصار العظيم لاسيما في قلوب اليمنيين ؛ ذكورا وإناثا ، شبابا وشيوخا ، صغارا وكبارا . أتدرون لماذا مثل هذا الحدث الرياضي العظيم انتصارا لليمن ولليمنيين بل نزل عليهم كالبلسم الشافي وبخاصة على الأجسام التي أثخنتها الجراح ؟؟؟  لأنه جاء في زمن قد طغى فيه الأشقاء وتكبروا وتجبروا على شعب عظيم ليس له ذنب إلا أنه الأصل التي تفرعت منه الأمة ، ليس له ذنب إلا أنه قد مثل السند والمدد لأمته منذ فجر التاريخ ... حقا ليس لليمن ماتستحق عليه كل ذلك الطغيان والعدوان من إخوتها وجيرانها ، فضلا عن الخذلان الذي لقيته من أمتها التي تمتد من طنجة إلى جاكرتا ، ما الذي جنته بلاد العرب السعيدة حتى تستحق كل هذا الصلف والعبث من الأشقاء ، ألأن العرب قد أطلقوا عليها هذا الاسم ؟ أم لأن الخالق - جل جلاله - قد وصفها بالبلدة الطيبة ؟ أم لأن الخالق قد وصف ساكنيها بأولي القوة والبأس الشديد ؟ أم لأن خاتم الرسل والأنبياء - صلى الله عليه وسلم - قد وصفهم بالأرق أفئدة والألين قلوبا ؟ ومن هنا أظن أنه قد حق لنا أن نحتفل بهذا النصر ليس الليلة وحسب بل في هذه الليلة وهذا التاريخ من كل عام ؛ لأنه قد مثل لهذا الشعب الانتصار الأول في التاريخ المعاصر ، والمحطة الفارقة في تاريخ هذا الشعب العظيم الذي صبر على الأشقاء أكثر مما يحتمل الصبر نفسه ، وتحمل من أذاهم مالايقبل به الأذى ، إن هذا الانتصار له مابعده ، أجل إن هذا الانتصار هو البوصلة التي وجهت اليمنيين إلى انتصارات أخرى ربما تكون سياسية وعسكرية واقتصادية ، من شأنها خلق فضاءات جديدة في الحرية والعدالة والمساواة ، وكبح جموح الطغاة والظلمة والمستبدين ...