القائد المحنك من يستطيع قراءة الواقع من حوله قراءة صحيحة ؛ لأن في ذلك يكمن حسن التصرف وفن التدبير ، كذلك يجب أن تعلم أن الناس معادن ، لايختلفون عن المعادن المستخرجة من الأرض ؛ لذلك تجد منهم : الرديء ، والمتوسط ، وعالي الجودة ، مثلهم مثل المعادن تماما ؛ لأنهم خلقوا أيضا من هذه الأرض . كذلك تجد في المعادن الذكي والغبي ، والكريم والبخيل ، والأصيل والدعي ، وكذلك البشر ... ومن هنا نستطيع معرفة شخصية القائد ، إذ تجده يحكم على الأمور أو يقرأ الواقع من حوله بما يعبر عن نفسيته ونفاسة معدنه ، الأمر الذي يجعل كثيرا من القادة ، إذا ماخدمتهم الظروف وأصبحوا في مراكز القرار ، تجدهم يقرأون الواقع من حولهم قراءة مغايرة لواقع الحال ، أو قراءة تجانب الصواب ، ويتصرفون بموجب تلك القراءة ؛ فمنهم من يضرب بمعايير الشرف والكرامة وكبرياء القوم عرض الحائط ، ظنا منه أن ذلك من الدهاء وفنون السياسة . ومنهم من يتصرف بشيء من الجبن والانحناء للعاصفة والقبول بتركيع قومه ، اعتقادا منه أن في ذلك السلوك شيئا من الحكمة وقراءة ماوراء السطور . وقد تبلغ الأنانية وحب الذات لدى بعض القادة إلى أنه يقف في خندق خصمه بل ويسعى معه لتحقيق مآربه وإن كان في ذلك مذلة قومه ، متوهما أن خصمه سوف يجعله في علية القوم ، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن نظرته قاصرة بل لاتتجاوز قدميه ... وماعلم هؤلاء أنهم إنما يقرأون الواقع قراءة قاصرة ، إما لأنهم لايقرأون ماضي أقرانهم قراءة صحيحة ، أو لأنهم لايفهمون الحاضر فهما جيدا ، ولايبصرون إلى المستقبل إبصارا هادفا ؛ وربما ران على قلوبهم ماطمس أبصارهم وبصائرهم ، الأمر الذي جعلهم في منزلة الأنعام بل هم أشد جهلا ..... ورحم الله أبا القاسم الشابي إذ قال : لارأي للرأي الضعيف ولاصدى ** والرأي رأي القاهر الغلاب لاعدل إلا أن تعادلت القوى ** وتصادم الإرهاب بالإرهاب
في زمن القوة !!!!!!!
2022/02/10 - الساعة 02:57 مساءً