بعد عشر سنوات يواجهنا سؤال ، ما الحصيلة ؟ والجواب ليس له علاقة مع أو ضد ، فهذا الأمر يمس الجميع ، جيلا بعد جيل ، الرؤية أصبحت واضحة والثورة آلت إلى غير أهلها ، حتى أصبح عقلاؤها يقولون ، ليتها لم تكن ، وهذا الأمر لا تجده ينطبق على ثورة السادس والعشرين من سبتمبر ، فلن تجد أحدا ممن قاموا بها يقول ، ليتها لم تكن .
بالطبع ليس ذنب أي مواطن مقهور أو مظلوم قرر النزول إلى الشارع للمطالبة بحقوقه وبتحسين وضعه ، فهو حينها لم يكن يدور في خلده بأن نتائج ذلك ستتحول إلى حرب بالوكالة بين السعودية وإيران ، أذا هؤلاء ليسوا مسؤلين عن الحرب الدائرة اليوم ولا عن الكراهية المصاحبة لها ، فالحرب كانت ستحصل عاجلا أو آجلا ، والكراهية بدأت بعد حرب ٩٤، وتعمقت مع تمرد الحوثيين على الدولة في الحرب الأولى ، حيث كان هدف الحوثيين من تمردهم هو إعادة إحياء الإمامة ومن هنا بدأ تحالف الكراهية ضد السلطة ، جسده اللقاء المشترك الذي كان عبارة عن تحالف خصوم وأعداء لعلي عبدالله صالح ، سيتكرر هذا التحالف وبنفس الطريقة في ٢٠١٤، بين علي عبدالله صالح والحوثيين .
مثلما تصدع تحالف ١١ فبراير الذي جمع قوى متناقضة بغير برامج سياسية أو رؤية للتغيير ، سرعان ما عبرت عن نفسها في موجات صراع حول تقاسم السلطة ، تصدع أيضا تحالف المؤتمر مع الحوثيين في ٢٠١٤ ، ففي كل مرحلة يلتهم القوي الضعيف ويبدأ الضعيف في نسج تحالفات كراهية جديدة ، لا تقوم على الوحدة الفكرية والسياسية ، بقدر ما تقوم على الخصومة مع الآخرين .
ونحن اليوم على بعد ١١ سنة من تحالف فبراير ، مازال المشهد يعج بتحالفات الكراهية ، فالناصريون والاشتراكيون الذين تحالفوا مع الإصلاح ضد المؤتمر ، يتحالفون اليوم مع الإمارات ضد الإصلاح ، والمؤتمر الذي كان ضد الحوثي ، يتحالف مع الحوثي ضد الأطراف الأخرى ، وجميع هذه التحالفات تقوم على الكراهية التي تكرس ثقافة الاجتثاث والاستئصال وهي ثقافة تنتج دورات عنف جديدة وتعيد إنتاج التحالفات على أساس الكراهية للأشخاص والكيانات وليس على أساس الحقوق والمواطنة .
وللكراهية صور أخرى ، فالشباب الذين كانوا يطمحون إلى مجتمع مختلف سرعان ما أصيبوا بالإحباط والعزلة فتحولت حالة الإحباط إلى حالة كراهية ضد من يعتقدون أنهم السبب في إفشال ثورتهم ، والطرف المعارض لأصحاب فبراير يرى أنهم سبب ماهو فيه فتولدت لديه حالة من الكراهية تستند إلى تنزيه الذات وتبرير أي تحالف له ضد الأطراف الآخرى .
تبدو العلاقة بين واقع المؤيدين والمعارضين ل١١ فبراير ، علاقة متشابكة يصعب معها التحديد الدقيق للعلاقة السببية بين الطرفين ، وبالرغم من ذلك فالأمر المؤكد أن ١١ فبراير كان ولا يزال له دور فيما وقع في اليمن من صراعات وأزمات لاسيما مع تأكيده على غسل الكراهية وجعلها جزءا من المعارضة وشرعنته للخطاب الذي يشوه الآخرين .
ومع قساوة الحرب الدائرة اليوم في اليمن ، فإنها بالتأكيد ليست من صناعة ١١ فبراير ، بقدر ما هي تراكم لحرب ٩٤، وتمرد الحوثي في حروبه الست على الدولة مرورا بتحالف اللقاء المشترك مع الحوثي في فبراير ٢٠١١، ثم تحالف المؤتمر الشعبي العام مع الحوثيين في ٢٠١٤، والسؤال الذي يطرح نفسه : هل هناك احتمالات لتراجع الكراهية ، الجواب يظل التراجع مرتبط بالتعامل مع مغذيات الكراهية وفي مقدمتها الإغراق في الماضي ومجافاة المستقبل ، فاستحضار ٢٠١١، أو ٢٠١٤، يزيد من تعميق الكراهية وتوسيع الفجوة ، فيملؤها العدو ، ولا يمكن لأي شعب أن يبني مستقبله من رماد الأحقاد ، ولا من تحالفات تقوم على كراهية الآخرين