مازالت أنظار العالم تتجه نحو اوروبا وتتابع باهتمام بالغ الاحداث والتطورات على الحدود الاوكرانية الروسية، حيث اسُتنفر الكثير الدول الأوروبية استعدادا لأى تصعيد عسكرى. يأتى ذلك بالتزامن مع انعقاد مؤتمر ميونخ للأمن مؤخرا وبمشاركة 30 رئيس دولة وحكومة و100 وزير من مختلف دول العالم، إضافة الى حضور الامين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس النواب الأمريكى السيدة نانسى بيلوسى، وكذلك رئيس حلف الناتو وعدد من الشخصيات العالمية ورجال الاعمال. ناقش هذا التجمع اهم التحديات التى يواجهها العالم وعلى رأسها التغييرات المناخية وخطر جائحة كورونا والامن السيبراني. كما ناقش المؤتمر عددا من الملفات الساخنة منها الازمة الاوكرانية والتطورات فى افغانستان والملف الإيرانى، وانسب الطرق للتعامل مع الصين وكذا وقف المد غير اليبرالى الذى يعد التحدى العالمى الاهم لتآكل الديمقراطية والتطورات فى الشرق الاوسط. ولعل اهم ما استوقفنى هو تصريحات رئيس المؤتمر فولفجانج إيشنجرعن العجز الدولى وكيفية مواجهته حيث قال (ان الردع اهم وسيلة لمنع الحرب) واشار الى الجهود والتحرك الدبلوماسى الذى تشهده أوروبا مؤخرا. كيمنيين نحن ايضا نتابع ونشاطر العالم هذا الهم والقلق وننشد السلام الذى يحقق الاستقرار والامن والتنمية لشبابنا ولأطفالنا الذين يقتلون على ايدى جماعة عنصرية طائفية ابت السلم وانقلبت على العملية السياسية _ مخرجات الحوار الوطنى المشروع الجامع الذى اعدته كل المكونات اليمنية من احزاب وشباب ونساء واقليات، وكانت تلك الجماعة الحوثية جزءا رئيسيا فيه. لقد سعى اليمنيون وفى وقت مبكر ومنذ 18 مارس 2013 للحوار مع جماعة رفضت تسليم سلاحها آنذاك، وذلك لردع شبح ومسببات الحرب، ولعل اليمنيين اخطأوا حينها فى إبداء حسن النية لتجنيب البلاد تبعات هذا الانقلاب. لكنه ومع ذلك مازالنا على استعداد للعمل على تحقيق السلام المستدام الذى يحقق المواطنة المتساوية للجميع وبما يكفله القانون والدستور، بالمقابل مازالت تلك الجماعة الطائفية العنصرية التى استولت على سلاح الدولة بكل عتاده وانقلبت على رئيس الدولة المنتخب وابناء الشعب العزل، تهدد الجميع بما فيهم جيران اليمن من دول الجوار. هذه الميليشيا تؤمن بمشروع راديكالى توسعى، ترفض السلام وهو ما استوجب التصدى لها ورد عدوانها، الذى بدأ بتفجير المنازل واعتقال النشطاء والاعلاميين والنساء واصدار احكام الاعدام ضد كل من يخالفها الرأى ومصادرة ممتلكاتهم، استهدفت الجميع، يدعون أنهم اقلية وهم يستهدفون الأقلية البهائية وأبناء الديانة اليهودية من اليمنيين، ناهيك عن تهجير وتشريد مئات الآلاف من اليمنيين. تعمل هذه الجماعة على غسل ادمغة الاطفال والدفع بهم فى جبهات القتال وتحويل اليمن السعيد ذى الارض الخصبة الى أرض بور هجرها اهلها بعد زراعتهم أكثر من مليونى لغم لترتكب بذلك اكبر جريمة ضد الانسانية، فالألغام جريمة مركبة تشمل (الانسان والتربة والحيوان والمناخ). ان استعلاء هذه الجماعة وانقلابها على الدستور والعملية الانتخابية يأتى بسبب ايمانها بتميزها السلالى والطائفى، ويظهر ذلك من خلال سنها عددا من القوانين كقانون الخُمس الذى يعزز من عنصريتها، بل وفرضها الجبايات على كل فئات الشعب لمصلحة ابناء طائفتها بدءا من المواطن الفقير وانتهاءً برجال الاعمال. تعمل هذه الجماعة على نهب جميع موارد المناطق التى تسيطر عليها وتخلى أى مسئولية فى دفع رواتب موظفى الدولة الموجودين فى المناطق التى تسيطر عليها. ميليشيا الحوثى هى احد اشكال المد غير الليبرالى المنقلب على الديمقراطية والمهدد لمنطقة الشرق الأوسط فى ابشع صورة. ومن هنا نرى اهمية ان يحظى اليمن بالاهتمام الدولى فى اجندات المؤتمرات المتعلقة بالأمن والمناخ، فاليمن تصدر قائمة الدول الأكثر فقرا ويعيش أسوأ كارثة انسانية على مستوى العالم بالرغم من موقعه الاستراتيجى المهم للتجارة الدولية. كما ان استمرار تعنت ميليشيا الحوثى من قضية صيانة خزان صافر وآثارها الكارثية التى تعد الأخطر على البيئة والسلامة البحريةجريمة تضاف الى زراعة الالغام البحرية المحرمة دوليا والتى تعد التهديد الاكبر على السفن التجارية والامن البحرى الدولى وتحدياً سافراً للأمن والسلم الدوليين. وعليه فإن اليمن يجب ان يكون ضمن أولويات العالم فى قضايا الامن والبيئة وعلى الجميع تحمل مسئولياتهم تجاهه، والا فإن أى حديث عن السلم والأمن والمناخ هو حديث منقوص.