أشباه الرجال يزورون قبر مؤسس دولة الكيان

  تعاملتم مع دولة الكيان الصهيوني منذ  زمن بعيد ، والأمة تعلم ذلك ، غير أنها قررت التسامي فوق ضباب الخيانة ، وعدم الالتفات إلى سلوك الشواذ ، لعلكم تدركون ذات يوم عواقب أفعالكم المشينة ، أو ربما يعود إليكم رشدكم ، إلا أنكم تماديتم في غيكم وبقيتم تطعنون أحرار الأمة من الخلف بخناجركم المسمومة لعقود حتى أخرجتم مصر السادات من جسمها العربي التحرري ؛ ليصبح الطريق معبدا  لخيانتكم ، فيسهل عليكم الولاء علنا للكيان ، وهذا ماوصلتم إليه مؤخرا  من خلال التطبيع  ، ومع ذلك كله  فضل الأحرار   الصبر على نزيف جراح طعنات غدركم بدلا من تمزيق صف الأمة . لكن أن يصل الأمر إلى أن تزوروا قبر بن جوريون مؤسس الكيان الصهيوني ، فهذا أمر من الصعب بل من المستحيل -  أظن - أن يقبله عقل أو  منطق ... قرأت ذات يوم خطبة للإمام علي كرم الله وجهه ، يوبخ فيها أصحابه بأسلوب تقرأ منه مايعانيه الإمام علي ، من الجراح العميقة والآلام الشديدة التي أصابته جراء تخاذل أصحابه وخورهم أمام هجمات خصومهم المتكررة التي وصلت إلى اقتحام المنازل وانتزاع أقراط الحرائر من آذانهن ،  والعقود من نحورهن ، وغير ذلك من الإذلال وانتهاك الأعراض ، إذ استخدم أسلوب النداء للتوبيخ وإنكار كثير من الصفات التي اعترت أصحابه ، وأطمعت خصومه وأعداءه ، من ذلك ؛ كان يدعوهم لغزو خصومهم في الصيف ، فيطلبون منه التأجيل إلى الشتاء ، لشدة الحر ، يأتي الشتاء فيدعوهم للغزو ، فيتذرعون بشدة البرد ، وهكذا دواليك حتى أصبحوا مطية ضعيفة ، يركبها الخصوم متى شاءوا وكيف ... ، الأمر الذي جعله يوجه خطابه بطريقة مهينة ، تليق  بجبان منبطح قد فقد العزة والكرامة ، كقوله كرم الله وجهه : " ... يا أشباه الرجال ولا رجال ، ويا أحلام الأطفال وعقول ربات الحجال ... "  قرأت هذه الخطبة في أثناء دراستي الإعدادية والثانوية ، كنت أتألم لما عاناه الإمام علي ، لاسيما عندما تمنى أن الله قد قبض روحه ، قبل أن يرى ذلك الذل والانكسار الذي حل بأنصاره ، لكنني لم أكن أدرك مضاعفات تلك المعاناة على الإمام إلا بعد أن رأيت أشباه الرجال حقا يتقاطرون خلف عدوهم وعدو أمتهم وعدو الإنسانية جمعاء في منشأة بن جوريون ، يتبركون بقبره ، ويستذكرون انتصاراته ، ويلتمسون من رفاته البقاء على كراسيهم ؛ ليسوموا رعيتهم سوء العذاب ، فضلا عن التآمر على جزء من أمتهم وجغرافيتها ومقدساتها ، اسمه فلسطين ، غير أن أحرار الأمة يقرأون في زيارتهم ، العزاء والتوديع لذلك العدو الذي صنعوا  منه بعبعا  لايهزم ذات يوم ، مع أن المقاومة الفلسطينية قد أثبتت لأولي الألباب أن ذلك البعبع أوهن من بيت العنكبوت ، بل هو في لحظات احتضار ، وشمسه على وشك المغيب ...   في 29 شعبان 1443 للهجرة الموافق 1  ابريل  2022م