وليدصالح المُحني
إعتلى أحدهم منبر المسجد ، زيداني اللحية قاسي الملامح ، تضيق عيناً لتذرع زوايا المكان ،، وتتسع الأخرى بمئات من صور الحضور !! فوق شعره الأجعد ،، يضعُ نصفَ عزلٍ دائري أبيض ..ً بثوبٍ ناصعٍ يتدلى حتى منتصف الساقين ، وبرائحة مركزةٌ طاردة يبعثها جسده القمحيُ النحيل.. هيئته تُكمّل مفاهيم متداخلة جمة ، جأت منها ملافظ متزمتة الوقع تصل حد التكفير والتمهيد للإزاحة الجسدية كلما قرر الملتحي الأكبر !! فخليط المصطلحات هذه تفرز الكثير من الألقاب والأوسمة التنفيذية والفخرية من قبيل ( مطوّع ) !!.
فصلَ السيد ( المطوّع) الميكرفون عن حامله وبتمتمات سرعة مهترئة ، أستهل حديثاً بدى متخبط الفكرة ضعيف المقدمة , لا يبدو كارزماتي ! وبالبداية الغير ( سديدة ) فلاهو بالداعية ولاهو بالمرشد العام!! ولاهو بالحافظ ولاتميزه علامات المطلع الشغوف !!
قد يكون مجتهد ، وقد يكون باحث قالوا عنه في الرواق ورددوا منهم القول : قد يتصنّع الدور ! فهو سلفي ، زيدياً او ربما شافعي ، عن المدرسة الوادعيةِ أو عن الجحملية .. !! من شمال القبلة أو من شمال شرقها !! .. قد يكون متوسطٍ أو متطرف ، ناصحٍ أو محرّض ووو.. إمتلى المسجدُ هتافاً وتوقعات!! والسيد المطوعي يستمر بإلقائه مزيج حار من القبيح والمديح ، من البغيض والوعيض ، والى الحد الأعلى من صوته الجهوي يصدح بالقول : يااأمة الإسلاااام حُفت الجنة بالمكاره ، وحُفت الناااار بالشهواااات ، ومن إعتكف لربه تاركاً شهواته فوالله قد نجى !!! .
لحظات طويلة قاسية جافة تتكرر فيها جمل مملة ، وإشارات التخويف و الوعيد بالعِقاب من زبانية لا يعرفون الرحمة ويفعلونَ مايؤمرون ... أختتم ( المطوع) خطبته الحامية بدعاءٍ بأسٍ إستنبطهُ عن تلك الكلمات والمصطلحات البالية الركيكة التي خطف بها وقتهم الثمين ، وحبس فيها أنفاسهم في عنق قِنين ، ونزل مترنحاً عن الممبر يفركُ بتوتّر زيدانيته جاحظ العينين مهرولاً نحو باب المسجد تاركاً خلفه فوضى تنقله الأجوف بين الكلمات وحجته الضعيفة في الإستدلال وحرصه الكبير على صحوة المسلمين ( صحوتهم من النوم) في توقيتٍ خارجيٍ مفتوح على الأقل من وجهة نظر السيد الملتحي الأكبر !! .