دراسة أوروبية حديثة كشفت عن تمييز مضاعف يواجه اللاجئات في البلاد الأوروبية المستضيفة مقارنة بالذكور. فاللاجئات لديهن فرص عمل أقل من الذكور كما أن مشاركتهن في برامج التدريب والتأهيل أقل من الرجال، وهذا يعود لعدة أسباب.
كشفت دراسة أعدتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)الأوروبية أن اللاجئات يعانين من الحرمان والتمييز بشكل مضاعف لكونهن "نساء ولاجئات". ووضحت الدراسة أن "هذا له تأثير سلبي على الاندماج في البلدان المستقبلة. للاجئين وبالتالي، تقل احتمالية مشاركة النساء في إجراءات الدمج مقارنة بالرجال". ورصدت الدراسة أن نسبة التحاق النساء المهاجرات بسوق العمل تكون قليلة مقارنة بالرجال المهاجرين.
واعتبرت الدراسة أن اللاجئات بحاجة خاصة إلى المساعدة بحسب المنظمة الأوروبية المشرفة على الدراسة، لكونهن نساء ومن أصول مهاجرة ويفتقدن إلى مهارات اللغة في البلد المستضيف، كما أنهن في الغالب لديهن مستوى تعليم أقل من اللاجئين الذكور.
وقد أشرف على الدراسة توماس ليبيغ، كبير الاقتصاديين في دائرة الهجرة الدولية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بدعم من وزارة العمل السويدية وتم تقديمها بشكل نهائي ونشرها يوم الخميس (30 أغسطس/ آب).
وأوضح التقرير أن نسبة النساء بين اللاجئين في ألمانيا آخذة في الازدياد وهي الآن تقرب من 40 في المائة. خاصة في حالة طالبي اللجوء من سوريا والعراق وإيران، فقد نمت حصتها بشكل كبير على مدى السنوات الثلاث الماضية. ووفقا للدراسة فإن هناك عدم مساواة كبيرة بين الجنسين في هذه الفئات. فعلى سبيل المثال تقل احتمالية ذهاب النساء إلى المدرسة مقارنة بالرجال بين، وغالبا ما يكون الفقر في العائلة الذي يؤدي إلى منعهن من التعليم أو دفعهن للعمل.
وتظهر البيانات الصادرة عن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين أن 16 بالمائة من طالبي اللجوء في العام الماضي لم يلتحقوا أبداً بالمدارس الابتدائية، مما يزيد من صعوبة الوصول إلى سوق العمل. وثمة عقبة أخرى حسب التقرير، وهي أن النساء اللاجئات تزيد لديهن الفرصة بالحمل والولادة لدى قدومهن إلى أوروبا، مقارنة بفترة الحرب التي عشنها في بلادهن. وقال ليبيغ بهذا الخصوص "إن الخوف وعدم معرفة ما ستؤول إليه الأوضاع يمنعان المرأة من تحقيق الرغبة في إنجاب الأطفال، كما أن فترات الانتظار الطويلة التي تلزم الزوج بالانتظار لفترة قد تطول إلى عامين من أجل لم شمل العائلة يؤدي إلى تأجيل هذا الأمر.
الدول الاسكندنافية مثال يحتذى
بناء على ذلك تقترح الدراسة بعض التدابير لزيادة تعزيز إدماج اللاجئات والعائلات. فعلى سبيل المثال، توصي الدراسة ببرامج التوجيه لمساعدة اللاجئات على التواصل مع المجتمع المضيف. ووفقاً للدراسة، فإن برامج التوجيه ستكون لها ميزة من ناحية كونها أداة تكامل فعالة من حيث التكلفة بوجه خاص، ومن ناحية أخرى إشراك مجتمع البلد المضيف.
ومن الضروري أيضا بحسب الدراسة تعزيز "المهارات الأساسية" وبالتالي إدماج النساء أيضا ممن يمتلكن مهارات بسيطة في سوق العمل، وذلك من خلال دورات اللغة أو إتاحة مجالات للتدريب. إذ أن ذلك سينعكس ايجابا ليس على النساء فحسب بل أيضا على عائلاتهن وأطفالهن.
كما أوصت الدراسة بتقديم المزيد من دورات تعليم اللغة خصيصا للآباء والأمهات والنساء، إذ أن معدل النجاح أعلى منها مقارنة من الدورات التدريبية العادية الخاصة بالاندماج؛ ووفقاً لتقييم ليبغ فإن النساء اللاجئات المعزولات اجتماعياً سوف يحتجن أيضاً إلى رعاية خاصة وإن برامج التوجيه ستكون ضرورية لإقامة اتصالات مع عالم العمل. بعد كل شيء المرأة هي أيضا ممثلة تمثيلا ناقصا في تدابير الدعم من قبل وكالة التوظيف.
وكنموذج اقترح ليبيغ النموذج المتبع في الدول الاسكندنافية والذي أثبت مرونته ونجاحه، إذ يقوم هذا النموذج بوضع وإعداد البرامج بحسب الطلب والحاجة، كما أنها تستغرق بين عامين إلى 3 أعوام وتشمل دورات اللغة والتعليم والتدريب الداخلي والتدريب على العمل، بالإضافة إلى إعانات الرواتب الحكومية، اعتمادا على الاحتياجات الفردية.
وتؤكد الدراسة على أن الدمج يتطلب عموما مزيدا من المرونة من حيث الوقت والتنظيم لتلبية الاحتياجات المحددة للنساء اللواتي لديهن أطفال صغار. خلاف ذلك، لا يمكن المطالبة باندماج أفضل دون تقديم برامج أكثر مرونة للاجئين تتناسب واحتياجاتهم وتراعي فروقاتهم الفردية.
علاء جمعة/مهاجر نيوز