عن التحرش في المغرب: "أعيش في مدينة، نادرا ما أمشي في شوارعها"

"أمل" شابة تتحدث بمرارة عن تجربة تحرش مرت بها العام الماضي في مكان عملها وتصفها "بالكابوس"، وتقول في تدوينتها: "كنت أكره كل يوم أقضيه في العمل. كرهت نفسي. وكرهت فكرة عجزي عن ردعه".

كما تكتب شذا من الدار البيضاء عن قرارها عدم المشي في الشوارع ولجوئها لركوب سيارتها عوضا عن ذلك، متحدثة عن كلمة "بسسست" التي كانت تثير غضبها وتشعرها بالإهانة.

ومن المقرر أن يدخل قانون "محاربة العنف ضد النساء" - وهو الأول من نوعه في المغرب - حيز التنفيذ يوم 12 سبتمبر/أيلول بعد عقود مرت على مطالبة جمعيات حقوقية في المغرب بإصدار مثل هذا القانون.

بهذه المناسبة تنشر بي بي سي تدوينات نساء مغربيات يتطلعن لقانون يعاقب المتحرشين ويشرحن ما مررن به، وكيف كان شعورهن.

عن كلمة "بسست" العدوانية، وغيرها

كتبت شذا (فضلت عدم ذكر كنيتها) من الدار البيضاء (38 عاما):

كثيرة جدا هي مواقف التحرش التي مررت بها أثناء تواجدي في شوارع المغرب، وتتأرجح هذه المواقف من القول "بسست"، إلى الفعل متمثلا في التحرش الجسدي.

مع مرور الزمن، نجحت بالتوقف عن التفكير بتفاصيل هذه المواقف، ولكني لم أنجح في التخلص من الشعور بعدم الأمان والخوف من المشي وحيدة في الشوارع، كما أني لا أزال أشعر بغضب كبير داخلي حيال ما جرى.

هذا الغضب مصدره الأول كلمة "بسست" التي تحمل كما كبيرا من الأحكام السلبية عليّ وتكشف عن عدم احترام لي؛ والغضب الذي يعتريني بسبب هذه الكلمة لا يقل شدة عن درجة الغضب التي أشعر بها في حال تعرضي لعدوان جسدي.

في إحدى المرات كنت أمشي في مركز المدينة المزدحم عندما بدأ شاب بملاحقتي متلفظا بكلمات مسيئة جدا، ومتوعدا بما سيفعله بي فور أن تقع يداه علي.

اتجهت، مرعوبة، إلى أول شرطي رأيته، وكان شرطي مرور، وطلبت منه أن يحميني، فقال لي يومها إن كل ما عليّ فعله هو صفع الرجل وتغيير طريقي.

يومها أدركت أني لم أكن في مأمن وأوقفت أول سيارة أجرة لأبتعد عن الخطر.

وفي حادث آخر، كنت أمشي نحو البيت مع إحدى الصديقات عندما توقفت سيارة فجأة على قارعة الطريق وفتح السائق الباب ولم ينبس ببنت شفة إذا كان يتوقع منا الركوب في السيارة.

ومن شدة شعوري بالإهانة بسبب افتراض الرجل أننا سنذهب معه، بدأت أصرخ وأنا أقول له إن عليه إظهار احترام للنساء.

كان الموقف كله مؤلما للغاية؛ كنت أرتجف من شدة الغضب ومما زاد الموقف سوءا كان أن المشاة أعطوا لأنفسهم الحق بأن يفسروا ما شاهدوه بأن السائق قد طلب تعرفة ركوب أعلى مما يجب!

ذات مرة كنت على وشك الوصول للبيت عندما بدأ رجل - كان يمشي أمامي - بالتمهل في سيره عندما وصلنا زقاقا خاليا؛ شعرت أن خطرا ما كان يقترب مني وبدأت بالاستعداد ذهنيا للدفاع عن نفسي.

وفعلا حدث الأسوأ عندما استدار الرجل فجأة محاولا تقبيلي ولمس جسدي.

كنت يومها محظوظة جدا لأني عندما بدأت بالصراخ عاليا هرع بعض الناس نحونا وتركوني أهرب من الرجل.

كنت عرضة لمواقف كثيرة من التحرش أثناء سيري في شوارع المغرب وبسببها أنا اليوم مرتبطة جدا بسيارتي التي توفر لي شعورا بالأمان.

لذا تقتصر اليوم الأماكن التي أذهب إليها على تلك التي توفر مواقف سيارات قرب وجهتي؛ بحيث لا أضطر للمشي مسافة طويلة على الأقدام.

باختصار، وجدت نفسي أعيش في مدينة، لكني نادرا ما أمشي في شوارعها.

"يوم عيدي كان يوم إقالته عن العمل"

أنا شابة عمري 27 عاما قصتي مع التحرش بدأت - والحمد لله انتهت - العام الماضي عندما تم تعيين مدير جديد في العمل.

كان في عمر أبي، وكنت أكن له الاحترام حتى بدأ يعلق على ثيابي وعلى جمال جسدي. بعدها - وعندما كنت أقدم له ملفا ليوقع عليه كان يتأكد من إغلاق الباب حتى يتمكن من لمس شعري وأجزاء من جسمي. لم أكن أعرف كيف أتصرف حينها. كنت أشعر أني في كابوس.

لم أكن أشعر إلا بالاشمئزاز.

أخبرت بعض صديقاتي وأخي الذي اقترح علي ترك العمل فورا لكن لم أستطع. "ماذا عن أحلامي وطموحي بالاستقلال المادي!".

أنحيت باللائمة على نفسي، وغيرت طريقة لباسي على أمل أن يكف عن محاولاته المثيرة للاشمئزاز لكن دون جدوى.

لم أكن أستطيع اتهامه بأي شيء إذ لم يكن لدي أي دليل يدينه، وإن تحدثت سيتم اتهامي بمحاولة تشويه سمعته.

كنت دائما أختلق الحجج لرفض دعواته المتكررة للعشاء أو لقضاء عطلة نهاية الأسبوع سويا.

كنت أكره كل يوم أقضيه في العمل. كرهت نفسي. وكرهت فكرة عجزي عن ردعه.

يوم عيدي كان يوم إقالته عن العمل.

كانت تجربة مؤلمة علمتني أن المتحرش يوجد حتى في مكان العمل.

أتمنى من كل قلبي أن يكون القانون الجديد أداة فعالة لردع كل متحرش وأن لا يبقى حبرا على ورق.

أختار أن تنشر قصتي بدون اسمي الحقيقي لأنني لا زلت أعمل في المكان نفسه.

وأختار اسم " أمل" لأني كلي أمل بغد أفضل لكل امرأة حرة.

 

الأكثر زيارة