سفير يمني ينجز أول مرجع عربي عن بلغاريا وواقع المسلمين فيها وعلاقاتها بالعالم العربي

، يعجبني أولئك السفراء الذين يجسدون المعنى الأمثل للسفير الذي ينقل ثقافة وآدابها وفنونها وتراثها بلده إلى البلد التي يعمل فيها وينقل إلى أبناء بلده صورة وافية عن البلد التي يعمل فيها فيكون همزة الوصل بين البلدين وجسرا للتواصل الخلاق .

 

وقد كنت من المعجبين بجهود السفير المصري الأسبق لدى الصين الدكتور محمد نعمان جلال ، هذا السفير لم يكتف بخدمة أبناء بلده في الصين وإنما عمل على تعريف الجمهور العربي بتراث الصين وثقافته وآدابه فكان يترجم بعض الروايات الصينية إلى العربية والعكس كما كان يكتب عن بعض الظواهر الجديدة في الصين ويعرف الجمهور العربي بها ويلتقي بالنخبة الصينية ويحدثهم عن مصر والعالم العربي في تجسيد رائع لمعنى السفير .

 

لقد أكرمني السفير عبد الرزاق محمد بن إسماعيل العمراني فأهداني نسخة من كتابه " "بلغاريا من الزاوية الشرقية " فقلت : نحن أيضا لدينا سفراء من هذا الطراز يجسدون المعنى الأروع للسفارة فخلال عمل السفير عبد الرزاق العمراني سفيرا لليمن في بلغاريا حرص على أن يعرف كل شيء عن هذا البلد الهام الذي يعد بوابة أوربا ومركز البلقان السياسي ولذا جاء كتابه هذا الذي تبناه مجلس الشورى الإسلامي الأعلى في بلغاريا كما وصفه مفتي المسلمين في بلغاريا بأنه " أول مرجع باللغة العربية يمكن للباحثين والدارسين الإعتماد عليه للإطلاع على أوضاع بلغاريا وخاصة المسلمين فيها " وهو جهد مبير ومشكور ويحسب لهذا السفير الذي حرص في كتابه هذا على ان يقدم صورة كاملة عن بلغاريا من كافة النواحي والمجالات .

 

في الباب الأول من الكتاب حرص المؤلف عل أن يقدم رؤية كاملة لبلغاريا التاريخ والحضارة فكتب عن تاريخ بلغاريا من قبل الميلاد حتى اليوم حيث مر على أبز المحطات التاريخية ، كما تحدث عن صوفيا العاصمة من حيث التاريخ والحضارة ومن حيث المحطات والأماكن السياحسة في بلغاريا التي تشتهر بحمامات المياة الساخنة والسياحة العلاجية فهو يورد إحصائيات وأرقام وأسماء أماكن وينابيع ومدن ومناطق جذب سياحي بمعنى أن الكتاب يصلح كدليل سياحي لمن يريد السياحة بشتى أنواعها في بلغاريا أو الذهاب إلى هذه الدولة للدراسة أو الاستثمار هناك .

 

• المسلمون في بلغاريا التاريخ والواقع الباب الثاني من الكتاب خصصه المؤلف للحديث عن المسلمين في بلغاريا حيث استعرض تاريخ دخول بلغاريا في الإسلام وواقع المسلمين في بلغاريا وعدد المساجد والمدارس الإسلامية ولأن المؤلف عمل سفيرا لليمن هناك وألتقى الجميع من الرئيس إلى الباحثين وقيادات المسلمين فقد أتيحت له الكثير من المعلومات كما حرص على زيارة المراكز الإسلامية والمساجد والتقاط الصور الحصرية فيها وحرص على نشر الوثائق والإحصائيات والأرقام الدقيقة لواقع المسلمين هناك فهو يرى ان عدد المسلمين في بلغاريا يقترب من 783 ألف نسمة من عدد السكان الذي يقل عن سبعة ملايين نسمة بحوالي 100 ألف أي عدد سكان بلغاريا 6 مليون و900 ألف على ادق تقدير فالسكان في بلغاريا يتناقصون بشكل حاد أي أن نسبة المسلمين هناك تعد حوالي 12 % من إجمالي عدد السكان 60 % من أصول تركية و25 من المسلمين البوماك و15 % من المسلمين هم من الغجر .

 

تحدث المؤلف عن المسلمين البلغار في ظل الحكم العثماني ووضعهم بعد انهيار الخلافة العثمانية وحتى 2018 م ، حيث يؤكد أنهم عانوا كثيرا في ظل الحكم الشيوعي الذي ركز على اضطهاد المسلمين بشكل ممنهج . يتناول المؤلف واقع المسلمين اليوم ويؤكد انه أفضل حالا من الماضي مع وجود بعض العنصرية من قبل بعض الفئات اليمينية المتطرفة مثل حزب " أتاكا " الذي قام بالإعتداء على أحد المساجد في مدينة بلوفديف في فبراير عام 2014م ومثلما هناك مواقف عدائية ضد المسلمين هناك أيضا مواقف ايجابية مثل موقف الرئاسة والبرلمان البلغاري من الاعتداء على المسلمين ورؤيتها للمسلمين كجزء من المجتمع البلغاري وإدانة البرلمان لمواقف حزب أتاكا ضد المسلمين وتجريمه .

 

بحسب المؤلف تعد بلغاريا ثالث أكبر بلد أوربي من حيث عدد المساجد بعد ألمانيا وفرنسا ففيها 1280 مسجد وهناك حركة بناء وترميم للمساجد وفي الختام يؤكد المؤلف أن المستقبل الإسلام في بلغاريا واعد ومبشر بالخير رغم المعوقات . * العلاقات العربية البلغارية في الفصل الثالث من الكتاب تناول المؤلف واقع العلاقات العربية البلغارية حيث بدأ بتناول تاريخ العلاقات العربية البلغارية والحضور العربي في بلغاريا وواقع الجالية العربية في بلغاريا والشخصيات العربية التي برزت في بلغاريا فذكر من اليمن البروفيسور وهيب باهذيلة وهو طبيب معروف في بلغاريا ورجل فكر رصين .

 

يؤكد السفير عبد الرزاق العمراني على أن في بلغاريا لوبي بلغاري كبير جدا داعم للعرب وللقضايا العربية والجالية العربية هناك وهذا اللوبي يتكون من المئات من المستعربين والمستشرقين والأكاديميين والدبلوماسيين البلغار الذين ابتعثوا للع