روى المهندس محمد عبدالعزيز المقالح، نجل شاعر اليمن الكبير، الدكتور عبدالعزيز المقالح، اللحظات الأخيرة لوالده الذي وافته المنية في العاصمة صنعاء، أواخر نوفمبر الماضي.
وذكر نجل المقالح، في افتتاحية كتاب "المقالح.. حياةٌ في الرحيل" خلال أربعينية الدكتور عبدالعزيز المقالح، التي أقيمت في صنعاء، الأحد الماضي أن اللحظات الأخيرة لوفاة والده كانت مشابهة بجلسته المعروفة التي اعتادها طوال مسيرته الأدبية.
وجاء في مقالته: "في ظهيرةِ فاجعةِ رحيله، وبعد أن أضاءَ وجهُهُ بلقاءِ ربّه، وأضاءت شهقتُهُ الأخيرةُ المكان، مستلقياً على جنبِهِ الأيسر، كانت أصابعُهُ تضيء على ركبتهِ التي أبَتْ إلا أن تظل واقفةً منثنيةً كعادتها لحظة ميلاد القصيدة. حاولنا فَرْدَها بلا جدوى!".
واستذكر المهندس المقالح موقفا له في صغره مع والده، قال فيه: "كان بابُ غرفته موارَباً حين دخلتُ عليه فجأةً وهو يكتب جالساً كعادته على الأرض منحنياً على قلمه، واضعاً أوراقَهُ على ركبته"، وأضاف "كنتُ في الخامسة من عمري أتقافزُ بين أحضانهِ كاسراً عليه خلوتَهُ ودقائقَ بَوحِهِ ووحيٍهْ. كان يبتسمُ لي بعينيه وحنانِ يديه فحسب قبل أن يعود لقلمه منحنياً على أوراقه".
وتابع: "تلك الجلسة.. تلك الركبةُ المنثنيةُ الواقفة.. تلك الأصابعُ المضيئةُ العنيدةُ التي لا تتعب.. انحناءة الظهر النبيّة أثناء الكتابة.. كل ذلك لم يتغير طوال ستّين عاماً".
واستدرك: "ستّون عاماً.. ستّون كتاباً.. ستّون حياةً.. كلُّ ذلك انبثق من بين تلك الأصابع المضيئة المتّكئة على تلك الرّكبة المنثنية ويشدُّ كل ذلك انحناءةُ ظهرهِ المتقوّسةِ المنهمكةِ على قلمه وأوراقه، كأنه يحملُ بلاداً على ظهره! لم يجلس على مكتب ليكتب طوال عمره"، وأشار إلى أن والده الراحل، لم يكن يجلس على مكتب حتى حين كان يستقبل زوّارهُ وضيوفه وطلَبَتَهُ في المركز أو الجامعة، بل كان يجلس إلى جوارهم جنباً إلى جنب.
وتوفي شاعر اليمن و أديبها الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح بالعاصمة صنعاء، أواخر نوفمبر الماضي، عن عمر ناهز 85 عاما، بعد مسيرة حياة حافلة بالعطاء الوطني والاكاديمي والابداع الشعري والادبي والفكري والثقافي امتدت لاكثر من خمسة عقود من