فارس العدني
في خطوة تعيد طرح تساؤلات واسعة حول منهجية إدارة المؤسسات في عدن، أقدمت سلطات الأمر الواقع على إقصاء مدير أمن مطار عدن، الدوبحي، في إطار سياسة باتت تتكرر بشكل لافت، تقوم على إحلال عناصر ذات انتماء مناطقي محدد بدلاً عن الكفاءات التي راكمت خبرة طويلة في مواقعها. ويأتي القرار استمرارًا لمسارٍ يرى فيه كثيرون عملية ممنهجة لتجريف الكوادر المهنية، خصوصًا تلك القادمة من محافظة أبين، لصالح مشروع تمدد يحكمه منطق الولاء الضيق.
ويشير مراقبون إلى أن هذا النهج يمثل قطيعة واضحة مع مرحلة سابقة اتسمت بقدر أكبر من الشراكة؛ إذ كانت قيادة أبين، حين تولت مسؤولية إدارة عدن، قد فتحت المجال أمام مختلف الكفاءات من كل المحافظات دون استثناء، بما فيها الضالع التي تمكنت كوادرها الأمنية والعسكرية من تبوؤ مواقع مهمة في أجهزة الدولة بتمكين مباشر من الرئيس هادي. غير أن المشهد الراهن يعكس تحولًا يقدّم منطق السيطرة والسيطرة المضادة على حساب المهنية ومتطلبات المصلحة العامة.
ولا يُعد استبعاد الدوبحي مجرد تغيير إداري، بل خسارة لقيمة مهنية شكّلت أحد الوجوه المضيئة في مطار عدن، تمامًا كما حدث مع كوادر سبقته أزيحت لمجرد انتمائها الجغرافي. ومع ذلك، يستمر الخطاب الرسمي في الحديث عن “تلاحم جنوبي”، رغم أن مثل هذه السياسات لا تنتج سوى مزيد من الشرخ وإضعاف الثقة الداخلية.
وتحمل هذه التطورات دلالات أبعد من حدود المطار؛ إذ تعكس أزمة إدارة تتقدم فيها الاعتبارات المناطقية على معايير الكفاءة، فيما تتراجع الخدمات وتزداد أوضاع المواطنين سوءًا دون خطوات فاعلة لمعالجتها. وكما يؤكد تاريخ الصراع السياسي في المنطقة، فإن القوة التي تستند اليوم إلى دعم عسكري أو خارجي قد تجد نفسها غدًا في مواجهة نتائج قراراتها عندما تنكشف ظهرُها وتتكشف فجواتها.
يبقى السؤال الأهم: هل ثمة إدراك بأن استمرار هذا النهج لن يقود إلا إلى مزيد من الاحتقان والتصدع؟ وهل من متعظ قبل أن تتراكم كلفة الأخطاء على الجميع؟