كجهة إعلامية جنوبيه غير مؤطره يهمني الرد و التأكيد على أن ما ورد في مقال عبدالملك المخلافي بعنوان “هل يصنع الفراغ في شمال اليمن دولة في الجنوب ؟ قد تجاهل بصورة غير مبرّرة جوهر الأزمة اليمنية، وقفز عن الوقائع التي لا يمكن لأي تناول موضوعي أن يتجاوزها، وفي مقدمتها الغزو الحوثي– الشمالي للجنوب عام 2015 وما خلّفه من جرائم وانتهاكات موثقة.
ومن المؤسف أن يُقدَّم الجنوب في المقال بوصفه طرفًا يسعى إلى “استثمار فراغ الشمال بينما الحقائق على الأرض تثبت أن الجنوب واجه حربًا شاملة شنّتها قوى شمالية استخدمت السلاح والدبابات لقمعه، وأن الجنوبيين وحدهم من تصدّوا لهذا العدوان واستعادوا أرضهم في ظل غياب تام لدور الدولة التي يطالب البعض اليوم بالعودة إليها.
إن تجاهل الكاتب لأي إشارة إلى الغزو الحوثي للجنوب، وما رافقه من تدمير ممنهج للبنية المدنية وتهجير وقتل واستباحة للمدن، يمثل إخلالًا جوهريًا بالأمانة المهنية، ومحاولة لتقديم سردية سياسية فاقدة للاتزان، تقوم على تبرئة الشمال من مسؤوليته المباشرة عن سقوط الدولة وانهيار عقد الوحدة.
نؤكد هنا أن الحديث عن “وحدة الدولة اليمنية” لا يمكن أن يستقيم بمعزل عن حقيقة قانونية ثابتة، وهي أن الوحدة التي قامت عام 1990 كانت اتفاقًا بين دولتين كاملتي السيادة، وأن هذا الاتفاق تعرض للانتهاك مرتين باستخدام القوة العسكرية، الأولى عام 1994 والثانية عام 2015، الأمر الذي أفقد العقد شرعيته القانونية وألغى أسسه السياسية. وعليه، فإن مطالبة الجنوب بالاستمرار في اتفاق أُسقط بالقوة هو مطالبة لا سند لها في القانون الدولي ولا في الأعراف السياسية.
كما أن الإشارة إلى “تشرذم الجنوب” أو “غياب توافقه” لا يتفق مع الواقع. فالمعطيات السياسية والميدانية تشير إلى وجود إجماع جنوبي واسع حول حق استعادة الدولة، وتوافق بين المكوّنات الجنوبية على صياغة مستقبل يعكس إرادة أبنائه ويضمن أمنهم واستقرارهم. ولا يمكن مقارنة هذا الواقع بمشهد الشمال الذي يشهد انهيارًا مؤسسيًا كاملًا وسيطرة جماعة غير معترف بها دوليًا على العاصمة وأجهزة الدولة.
إن محاولة تحميل الجنوب مسؤولية مستقبل البلاد بينما الشمال غير قادر على تحرير مدنه من الحوثيين هو قلب للحقائق، وابتعاد عن منطق الدولة. فمن غير المقبول سياسيًا أو أخلاقيًا أن يطالب الجنوب بدفع ثمن عجز القوى الشمالية وتشتتها، في حين أنه تمكن من تحرير أرضه وحمايتها بجهده وإرادة شعبه.
وعليه، نؤكد مجدداً أن حق الجنوب في استعادة دولته هو حق أصيل يستند إلى معطيات تاريخية وقانونية وسياسية، وإلى واقع ميداني أثبت قدرة الجنوبيين على إدارة محافظاتهم وحماية أمنهم، وهو حق لا يمكن مصادرته بخطابات سياسية تتجاهل جذور المشكلة، ولا بإسقاطات غير دقيقة على القانون الدولي أو التجارب المقارنة.
إن الطريق نحو مستقبل آمن ومستقر لا يمر عبر التلاعب بالمفاهيم أو تجميل واقع الانهيار في الشمال، بل عبر الاعتراف بالحقائق كما هي، وبناء حلول واقعية تستند إلى احترام إرادة الشعوب وإعادة صياغة العلاقات السياسية على أسس جديدة تضمن الأمن والعدالة والاحترام المتبادل بين الأطر كافة.
- هذه مطالب بن حبريش للحفاظ على ماء وجهه
- أبرز بنوذ الاتفاق التي تم اليوم برعاية اللجنة السعودية الضامن لمسار الاستقرار وحل الأزمة في حضرموت
- بشهادة المشاركين: نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تسجّل مواقف وطنية مشرفة في تعزيز الوعي والتماسك الوطني
- من هو أول من رفع علم الاستقلال في ستينات القرن الماضي (صورة وتفاصيل)