التحديات أمام الطموح النووي السعودي

اتخذت السعودية خطوات هامة لتطبيق برنامجها للطاقة النووية السلمية فيما تخشى الولايات المتحدة من احتمال سير المملكة على خطى إيران، وتطوير السلاح النووي.

 

ويثير سعي السعودية إلى تعزيز قدراتها النووية تساؤلات حول مدى طموحاتها في هذا المجال وقدرتها على الاعتماد الذاتي مستقبلا لإنتاج اليورانيوم المنخفض التخصيب اللازم لعمل المفاعلات النووية في محطات لتوليد الطاقة الذرية والاستغناء عن مساعدة حليفتها الولايات المتحدة أو غيرها من الدول المالكة للتكنولوجيا المطلوبة.

 

وتمكنت السعودية خلال السنوات الأخيرة من الشروع في تمهيد أرضية تكفل تيسير البرنامج، وتغطي المسائل المتعلقة بإنتاج الوقود النووي وإنشاء المرافق الضرورية لتخصيب اليورانيوم واستخدامه وإعداد الكوادر العلمية والفنية اللازمة.

 

وبالتحديد، افتتح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الشهر الجاري، مشروعا لبناء أول مفاعل للأبحاث النووية في بلاده. وقبل ذلك، أطلقت المملكة برنامج الاستكشافات الجيولوجية لخام اليورانيوم الذي تتوزع رواسبها بين 9 مناطق سعودية، ووصفت وزارة الطاقة السعودية نتائجها الأولية بـ"الإيجابية". فيما أعلن ولي العهد أن المملكة تملك 5% من الاحتياطي العالمي من اليورانيوم.

 

وبحسب الخطة المنشودة، كان من المقرر أن يبدأ بناء المفاعلات النووية في نهاية هذا العام الجاري لكن تم تأجيل الموعد إلى بداية 2019، وتبحث السعودية الآن عن مستثمرين في هذا المشروع.

 

بالتالي، نشهد أن السعودية تعمل بنشاط على إنشاء قطاع الطاقة النووية الخاص بها.

 

ويشارك علماء سعوديون في العديد من المشاريع المشتركة مع زملائهم الأجانب وتتعلق باليورانيوم وإنتاج النظائر المشعة والوقاية من الإشعاع والتعامل مع الوقود النووي المستهلك وصيانة المفاعلات النووية، لكن قدرات المملكة الحقيقة في إنجاز المجموعة الكاملة للبحث والتطوير العملي في المجال النووي، ناهيك عن التنفيذ العملياتي للمشاريع النووية الكبيرة كانت، حتى الآونة الأخيرة، محدودة، وهو ما تؤكده معطيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.  

 

وفي هذا السياق، شكك الخبير العسكري الروسي فيكتور ليتوفكين، في حديث لـRT، في أن السعودية راكمت قدرات كافية لبناء محطات الطاقة النووية، ناهيك عن إنتاج اليورانيوم المخصب ذاتيا في المستقبل المنظور، مشيرا إلى أن بناء المحطات النووية عملية معقدة تحتاج إلى كفاءات ودعم تكنولوجي من الخارج، فضلا عن وقت لا يقل عن 7-10 أعوام حتى لدى الدول المتطورة، وفي حالة السعودية تحتاج فترة أطول، علما أنها تبدأ "من نقطة الصفر" تقريبا، مقارنة مع إيران والهند والصين وباكستان.

 

وأما رغبة الرياض في الاعتماد على نفسها في إنتاج اليورانيوم المنخفض التخصيب، أي إلى مستوى 4-5% مطلوب لاستخدامه في محطات الطاقة الذرية، فقال ليتوفكين إنه أمر معقد عالي الدقة أيضا يتطلب بناء الآلاف من أجهزة الطرد المركزي. ورجح أن السعودية ستضطر إلى شراء اليورانيوم منخفض التخصيب إما من حليفتها الولايات المتحدة، وإما من روسيا أو الصين، وعلى نحو يتوافق مع شروط الوكالة الدولية للطاقة النووية والتي تنص على ضرورة إعادة الوقود النووي المستعمل إلى البلد الذي يقدم اليورانيوم، لدفنه أو معالجته.

 

واستبعد ليتوفكين أن تسمح أي دولة من "النادي النووي" للسعودية التي من بين الدول الموقعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، بإنتاج اليورانيوم العالي التخصيب، مؤكدا أن الولايات المتحدة ستعارض ذلك لأن الأمر لا يصب في مصلحتها. وفي حال قررت السعودية تخصيب اليورانيوم إلى ما فوق النسبة المسموحة ستواجه مشاكل عدة على الأصعدة التقنية والقانونية والسياسية والاقتصادية.

 

تجدر الإشارة إلى أن السلطات السعودية كانت قد أكدت أنها لا تسعى إلى الحصول على الأسلحة النووية، مع ذلك هدد ولي العهد السعودي بتطويرها في حال امتلاك إيران لها.

 

المصدر: RT + وكالات

الأكثر زيارة