يوم أثار الألمان رعب أميركا ووضعوا بمعسكرات الاعتقال

مع حلول سنة 1910، صنّف الأميركيون ذوي الأصول الألمانية، والمقدر عددهم بنحو 8 ملايين نسمة على رأس قائمة السكان غير الناطقين الإنجليزية بالولايات المتحدة الأميركية من حيث التعداد.

 

فمنذ فترة الاستعمار الأوروبي لأميركا توافد الألمان ليستقروا بمناطق عدّة كانت أبرزها ماريلاند (Maryland) وبنسلفانيا (Pennsylvania) ونيويورك (New York).

 

واعتبرت الألمانية أهم لغة أجنبية بالولايات المتحدة، حيث احتوت أغلب المكاتب على مراجع كتبت بالألمانية، تواجدت ببعض المدن الكبرى كشيكاغو (Chicago) وسينسيناتي (Cincinnati) وسانت لويس (Saint Louis) مدارس ومعاهد ألمانية.

 

ومع دخولهم الأراضي الأميركية، جلب الألمان معهم نمط حياتهم الخاص، حيث انتشرت بالمدن التي أقاموا بها مطاعم وحانات قدمت لزبائنها أطعمة ومشروبات ألمانية الأصل، ووجد بالولايات المتحدة خلال العام 1910 ما يزيد عن 500 صحيفة ومجلة ألمانية.

 

وفي الأثناء، تعايش المهاجرون ذوو الأصول الألمانية بشكل سلمي مع باقي شرائح المجتمع الأميركي إلى حدود سنة 1917.

 

وخلال ذلك العام، تدخلت الولايات المتحدة الأميركية بشكل رسمي في الحرب العالمية الأولى عقب إعلانها الحرب على #ألمانيا لتشهد البلاد حينها ظهور موجة عداء للأميركيين ذوي الأصول الألمانية عرفت بالجرمانوفوبيا (Germanophobia).

 

مع بداية التدخل الأميركي بالنزاع العالمي، تخوف الأميركيون من ولاء السكان ذوي الأصول الألمانية للقيصر الألماني فيلهلم الثاني (Wilhelm II)، كما أثار تشبث المهاجرين الألمان بتقاليد وطنهم الأم قلق السلطات الأميركية والتي لم تتردد لحظة واحدة في التدخل ضدهم.

 

في بادئ الأمر، اتجهت السلطات الأميركية لإغلاق المدارس الألمانية على أراضيها، وصادرت جميع الكتب الألمانية من المكاتب.

وبالتزامن مع ذلك، منع الأميركيون الألمان من سماع الموسيقى الألمانية، واتجهت أطراف أخرى بالبلاد إلى أبعد من ذلك عن طريق المطالبة بمنع موسيقى عدد من كبار الملحنين ذوي الألمان كبيتهوفن (Ludwig van Beethoven) وباخ (Johann Sebastian Bach).

 

كما لعبت الصحف الأميركية دورا هاما في تشويه الألمان عن طريق تشبيههم بقبائل الهون (The Huns) التي تسببت في مقتل مئات الآلاف بأوروبا سابقا.

 

وأصدر الرئيس الأميركي وودرو ولسن (Woodrow Wilson) قرارا صنّف إثره الأميركيين ذوي الأصول الألمانية على أنهم أعداء محتملين للبلاد.

 

وعقب مثل هذه القرارات، أقدمت الشرطة الأميركية على مراقبة نحو 500 ألف ألماني مقيم بالولايات المتحدة، حيث أخذت بصماتهم وصورهم قبل إخضاعهم لاستجوابات عديدة.

 

ومنعت السلطات الأميركية المهاجرين الألمان من استخدام اللغة الألمانية خلال محادثاتهم وأنشأت بعدد من الولايات كيوتا (Utah) وجورجيا (Georgia) وكارولينا الشمالية (North Carolina) نوعا من معسكرات الاعتقال أرسلت إليها كل أميركي ذي أصول ألمانية تحوم حوله الشكوك.

 

أمام هذا الوضع، اتجه الأميركيون الألمان نحو إجراءات بائسة حيث أقدم العديد منهم على تغيير أسمائهم الألمانية بأخرى إنجليزية، فضلا عن ذلك عمد البعض إلى تغيير أسماء الأحياء الألمانية لإثبات ولائهم للولايات المتحدة الأميركية.

الأكثر زيارة