“أشعر بالفخر تجاه أمي، هذا حقّها وحقّنا، هو ارتكب جريمة لا تُغتفر ويجب معاقبته”. بهذه الكلمات برّر الابن محمد علي زين لـ”العربية.نت”، مساء الأربعاء، اتّخاذه صفة الادّعاء الشخصي على والده طالباً الإعدام له لقتل زوجته سارة الأمين (47 عاماً)، في قضية هزت لبنان.
الفاجعة وقعت في 19 مايو/أيار 2015 في دوحة عرمون محافظة (جبل لبنان) عندما أقدم الزوج علي الزين على قتل أم أولاده الستة سارة الأمين بواسطة رشاش من نوع كلاشينكوف بإطلاقه النار عشوائياً نحوها، فأصابها في كل أنحاء جسدها لتفارق الحياة على الفور، أمام أعين أولادها الستة الذين استيقظوا فجر ذاك اليوم الأسود على صوت الرصاص وشاهدوا والدتهم غارقة في دمائها.
قبل يومين استمع رئيس محكمة الجنايات في جبل لبنان القاضي إيلي الحلو إلى شهود في القضية أكدوا أنهم دخلوا على خط التفاوض والمصالحة بين سارة وزوجها قبل وقوع الجريمة، ونجحوا في إقناعها بالعودة إلى المنزل، بعدما طردها وأولادها منه بسبب تفاقم الخلافات بينهما، لا سيما أنه كان يعنّفها باستمرار وأمام أولاده بحسب إفادات الشهود.
إلا أن المفاجأة في تلك القضية أتت من ابن المغدورة محمد علي الزين الذي حضر لأول مرّة جلسة المحاكمة، مؤكداً “بأن والده كان دائما يهدده بالقتل هو وشقيقاته ووالدته”، متّخذاً صفة الادّعاء الشخصي طالباً الإعدام له وهو ما يُشكّل حالة نادرة في المجتمع اللبناني بأن يطلب ولد الإعدام لوالده.
وأكد محمد في حديث لـ”العربية.نت” أنه طلب الإعدام لوالده لأنه قتل والدته بدم بارد من دون أن يرف له جفن، “مع أن والدتي لم تؤذِ نملة بحياتها”.
سارة.. وحيدة أهلها
وكانت سارة الأمين، وحيدة أهلها، تزوجت من علي الذي يكبرها بنحو الثماني سنوات ولهما ستة أولاد خمسة بنات، وصبي هو محمد ويبلغ الواحد والعشرين ربيعاً.
وقد أشار محمد إلى “أن شقيقاته الست يطالبن أيضاً بالإعدام لوالدهن المسجون منذ وقوع الحادثة في العام 2015.”
وأرجئت جلسة الاستماع إلى الشهود إلى 9 إبريل/نيسان، لتقديم تقرير لجنة الأطباء والاستماع إلى شهادة الطبيب الدكتور يوسف فارس.
وانتقل محمد وشقيقاته الخمس للعيش في منزل جدّيه لأمه اللذين يواظبان على حضور جلسات المحاكمة في بدايتها، إلا أنهما ولشدّة حزنهما على فراق ابنتهما الوحيدة باتا طريحي الفراش ولا يستطيعان النهوض وحضور جلسات المحاكمة.
كاد يُجهز على أولاده
من جهته، أشاد محامي الضحية أشرف الموسوي عبر “العربية.نت” بجرأة محمد الذي واجه والده للمرّة الأولى بعد الجريمة طالباً الإعدام له، فلا أحد يتمنّى أن تصل به الحياة إلى هذا الموقف”، وكشف “أنه خلال جلسة الاستماع للشهود تم عرض الرشاش الحربي الذي أفرغت رصاصاته في جسم سارة، وهذا أمر نادر لا يحصل عادةً خلال المحاكمات بالكشف عن المضبوطات”.
كما أكد المحامي “أن الجاني لا يعاني من مشاكل صحية أو أزمات عصبية إنما بكامل قواه العقلية والجسدية، وأنه أطلق النار على زوجته أمام أعين أولاده وكاد يُجهز على أولاده لولا تدخل الجيران”.
“أرقام مخيفة”!
يذكر أن أرقام العنف الأسري في لبنان مخيفة، وفي حين تتعدد طرق ووسائل التعنيف، إلا أن الضحية تبقى واحدة، وهي المرأة، فتُضرب و تُشتم، وتقتل حتى.
ففي عام 2017 توفيت 17 امرأة لبنانية جرّاء استخدام العنف ضدها من أحد أقاربها.
وفي العام 2018 وخلال شهر ونصف فقط، فقدت 8 نساء حياتهن على أيدي أزواجهن 4 منهن خلال 24 ساعة.
وكان مجلس النواب اللبناني أنصف المرأة بإقراره في أغسطس/آب 2017 اقتراح القانون الرامي إلى إلغاء المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني التي تعفي المُغتصب من العقوبة في حال زواجه من الضحية.
وقضى القانون الجديد بألا يُعفى المغتصب من العقوبة حتى في حال تم الزواج. كذلك، ألغى البرلمان اللبناني المادة 562 من قانون العقوبات المتعلّقة بجرائم الشرف، حيث كان مُرتكب الجريمة يستفيد من العذر المحل في حالات معينة، ومن العذر المخفف في حالات أخرى.