تحقيق سعودي : صدقتنا تذهب للمتسولين الداعمين للحوثيين.. وتعود لوطننا رصاصات قاتلة

الرياض - فهد الموركي

النسبة الأكبر من التسول في المملكة، أصبحت صفة ملازمة لكل ما له ارتباط بجماعة الحوثي، فهم أقرب لوصف الخلايا الحوثية المتسولة والمنتشرة بمختلف مناطق المملكة، حيث تجمع الملايين عن طريق التسول بكبار السن العجزة أو عن طريق الأطفال والاتجار بالبشر ومن ثم تستخدم الملايين في محاولة قتلنا والنيل من بلادنا بكل شر وبأموالنا، وللأسف نحن نؤدي الخير في غير محله، ويشير المختصون في مجال العمل الخيري إلى أن الجهل والفقر المدقع لهذه الفئة مكّن جماعة الحوثي من التحكم بها واستغلالها لمصلحة أعمالها الطائفية، مشيرين إلى أن ظاهرة التسول تتعدد صورها، وتزداد في مواسم معينة، يواجهها أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين، أينما ذهبوا في مراكز التسوق، والمحال التجارية، والمطاعم، وساحات انتظار السيارات، بل وأيضاً في المنازل، إذ يطرق المتسولون أبواب المنازل سائلين المساعدات.

 

وتعتبر فترة شهر رمضان المبارك، والحج موسم انتشار لهذه الظاهرة، حيث تزيد الرغبة لدى المحسنين في مساعدة المحتاجين، والتقرب إلى الله، واستغلالاً لهذه العاطفة ينتشر المتسولون، أمام ساحات المساجد، ويكثرون من التردد على المنازل، والمكاتب لاستقطاب المحسنين، وسؤالهم الأموال. وأجمع مسؤولو الجمعيات الخيرية أن المستحقين الفعليين للمساعدات يتجهون إليهم بشكل مباشر، وأن من يتجهون للتسول يعلمون جيداً أن المؤسسات المعنية بالمساعدات لن تساعدهم، لأنها تتحرى الدقة في بيانات المستحقين وبالتالي هم تابعين لمنظمات إرهابية أو عصابات منظمة لعملية التسول سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

 

«الرياض» التقت عدداً المسؤولين في قطاع العمل الخيري، الذين أكدوا أن التسول ظاهرة أصبحت تزعجهم، وأنهم يرفضون مساعدة المتسولين، حتى يتسنى للجهات المعنية التحقق من مدى احتياجهم للمساعدات وتقديم المساعدات اللازمة لهم، وأن العديد من المتسولين يدعون كذباً احتياجهم لمساعدات لأسباب معينة، ويطلبون المساعدات المادية فقط.

 

عمليات تسول منظمة

 

بداية قال المدير التنفيذي لجمعية لأجلهم فيصل العقلا: إن ما يحدث اليوم من تسول هي بمثابة عمليات منظمة وتدار من قبل أشخاص ومجموعات تستخدم فيها الأطفال والنساء للوصول لاستعطاف المواطنين في هذا البلد الكريم أن اردت أن تستعطفهم فأكثر ما يؤثر عليهم حاجة الناس فيتسابقون للمساعدة، وأكد أن هناك منافذ ووسائل وطرق سهلة إذا أراد الشخص المساعدة لإيصالها لمن يستحقها، مشيراً إلى أن ظاهرة التسول التي بالشوارع إنما هي عصابات كشفت الإثباتات القاطعة الواضحة بأنها للأسف عصابات تجمع الأموال وتدعم بها الحوثي، لذا فهذه الأموال تعطي لغير مستحقيها أما لدعم أعداء هذا البلد المعطاء أو لاستخدامات أخرى شريرة وسيئة، لان من يستحق يجد الدعم من قنوات حكومية وأهلية لمساعدته وعونه.

 

وطالب العقلا بايقاف ظاهرة التسول التي قد تعود على وطننا الحبيب وامنه، مطالبا أن تواجه بخطه شامله لجميع القطاعات، لتحقيق هدف قطع ووقف هذه الظاهرة التي تمس امننا، واقترح أن تدعم مكافحة التسول بعدد مناسب من العاملين، وان تتكاتف معها جميع قطاعات الامن للقبض على من يقوم بالتسول في كل مكان، وان كان يستحق المساعدة، يوجه ويؤخذ بيده لسد حاجته بالتعاون مع الجمعيات والشؤون الاجتماعية، والمخالف غير المواطن، تؤخذ إجراءات سريعة، نحو استبعاده من المملكة ومنعه من دخولها مرة أخرى، ومن ثم العمل على الوصول الى كل من يدير هذه الظاهرة ومعرفة توجههم للحصول على معلومات تحافظ على أمن بلدنا والتخلص من ظاهرة التسول التي باتت تهدد أمننا.

 

من جهتها قالت مساعد المدير التنفيذي للشراكات بجمعية أعمال غادة الفياض: إن الناظر إلى مشكلة التسول يعلم أنها موجودة منذ زمن طويل، ولعل وجودها في الماضي كان سببه الفقر في الغالب، ولكن الملاحظ في زمننا الحاضر أن هذا المشكلة مازالت تظهر بين الحين والآخر بشكل متجدد وتتخذ طرقاً عديدة للانتشار، إلى أن أصبحت وكأنها جريمة منظمة تقوم بها جماعات وشبكات تستغل طيبة وكرم الناس في هذا الوطن على الإحسان وفعل الخير، تحت ستار الحاجة، مستخدمة ألفاظاً دينية وادعاءات باطلة وقصصاً مختلقة، فأصبح من السهل مشاهدة متسولين في الشوارع يستوقفون العابرين والمارين ويختارون كلمات تستدر عطف السامعين ومن مختلف الأعمار، ويتذرعون بحجج مختلفة منها أنهم مرضى أو معيلي يتامى، مما جعل هذه الظاهرة تزداد اتساعا بأكثر مدن المملكة، واصبحت ازعاجا للمجتمع ومشكلة تبحث عن حل لها.

 

وقالت الفياض: إن على المجتمع الوعي بأن توجيه الأموال لغير مستحقيها يترتب عليه عدة مشكلات، والاستجابة لهذه الظاهرة جعلها عادة عند المتسولين لتكون حرفة وعمل لكسب المال، واستعمال وتسخير الأطفال والنساء وكبار السن للعمل بها؛ كونهم أكثر استعطاف للناس وجلباً للمال، وهو أمر بات يستدعي الوقوف الحازم للحد من عمليات النصب والاحتيال على الناس وخاصة في المهرجانات والأعياد والمناسبات الدينية، حيث يمتهن التسول كوسيلة سهلة لكسب سريع دون أي تعب أو شقاء.

 

وأكدت أن المتسولين أداة تستخدمها الجماعات الإرهابية لتمويل اعمالها التخريبية بالمملكة وزعزعة أمن بلادنا ويجب الحذر من هذا التصرف الذي قد نندم عليها يوم لا ينفع الندم، مشيرة إلى أن ظاهرة التسول ليست نتيجة عامل واحد، بل هي من نتاج عدة عوامل, لذا فإن علاجها والوقاية منها يتطلب أن تعمل الجهات المختصة والمجتمع كوحدة واحدة لقمع هذه الظاهرة ومنع تشويه سمعة الوطن.

 

وطالبت الفياض بتفعيل العقوبات النظامية للتسول وللظواهر الأخرى المرتبطة به مثل ظاهرة العمالة السائبة والتسلل عبر الحدود، وهذا يتطلب نوعاً من المرونة في مواجهة بعض العقبات الإدارية والنظامية. عدم توزيع الصدقات في الأماكن العامة، حتى لا يستغلها البعض ممن لديهم استعداد للتسول، وقالت: إن الأوضاع الاقتصادية في المملكة لا تستدعي وجود هذه الظاهرة؛ وذلك لشيوع ظاهرة التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع والبرامج الاجتماعية التي وضعتها الجهات المختصة لتغطية احتياجات الناس، بالإضافة إلى الجمعيات الخيرية المتعددة والمنتشرة في كل الأماكن والمستعدة لمساعدة أصحاب الحاجات الحقيقية، حيث ظهرت عدد من البرامج والمبادرات الحكومية لدعم المجتمع من خلال تقديم المساعدات المادية والسكنية.