عنب اليمن.. بدله الحوثي بألغام إيران

الإرهاب، ليس مفهوماً جديداً، تعددت وسائله وتنوعت أهدافه، ويبرز في الوقت الحالي استخدام وسائل تكتيكية جديدة، فقد خاضت معظم المنظمات الإرهابية اتجاهاً مختلفاً حيث وضعت العالم هذه الأيام أمام حرب من الألغام.

إذ تتحرك الجماعات الإرهابية لتقصي المواقع ودراسة أثر امتدادات التفجير المحتمل حتى بعد انتهاء الحرب. ويعيدنا هذا الحديث لمشهد قريب خلال أمطار غزيرة، حيث كشفت الأمطار في الكويت ألغاماً ومتفجرات بلغ عددها 48 لغماً ومتفجرات متنوعة في مناطق صحراوية متفرقة مع وجود أجسام يشتبه بأنها مخلفات عسكرية، ويأتي ذلك جراء الغزو العراقي السابق للكويت في 2 أغسطس 1990.

وأظهرت دراسة حديثة، أنه يتم إزالة حوالي 100 ألف لغم، ويزرع حوالي مليوني لغم كل عام.

ولذلك فمن المهم اعتبار مسألة القضاء على هذا التهديد ضرورية لتعزيز التنمية ودرء الخطر عن البشر وكافة الكائنات الحية.

مسام إنقاذ للحياة

أكد المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية د. عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة أن الألغام أضرت بالشعوب في أكثر من 60 دولة حول العالم، وفتكت بأرواح البشر وتسببت في إعاقات دائمة للعديد منهم، ولعل أحد الشواهد الكبيرة في هذا الخصوص هو ما يعانيه الشعب اليمني من هذه المخاطر، حيث قامت الميليشيات الحوثية الانقلابية المدعومة من إيران بزرع أكثر من مليون و100 ألف لغم أرضي أضرت وقتلت الكثير من الأطفال والرجال والنساء وكبار السن في العديد من مناطق اليمن.

ولعل من المبادرات العظيمة والكبيرة التي قامت بها المملكة العربية السعودية من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية هو برنامج (مسام) لنزع الألغام، والذي يُعنى بنزع الألغام من كافة مناطق اليمن، حيث وصلت الإحصاءات إلى أكثر من 74115 لغماً تم نزعها من أراضي اليمن، والمملكة مصممة على نزع كل الألغام من أراضي اليمن، ليعيش اليمن وشعبه بسلام وأمن واستقرار وعيش رغيد وجميع دول العالم.

ولتعزيز الأمن في اليمن، فقد عكفت الحكومة اليمنية على توقيع اتفاقية لنزع الألغام والذخائر غير المنفجرة وقامت بإطلاق المشروع السعودي لنزع الألغام (مسام)، الذي يهدف إلى التصدي للتهديدات المباشرة لحياة الشعب اليمني.

وذلك لمستوى الخطورة الكامن في وجود كميات كبيرة من الألغام والذخائر غير المنفجرة، وخصوصًا المهملة منها، والتي لم يتم إزالتها على وجه السرعة، مما يُمّكن الجماعات الإرهابية من إعادة استخدامها كعبوات ناسفة.

وبرزت جهود مشروع مسام لإنقاذ حياة اليمنيين من الخطر، حيث يعمل 32 فريقًا لتحقيق هذا الهدف. وبلا شك أن الجهود التي يبذلها المركز التنفيذي اليمني للتعامل مع الألغام الأرضية، والتي بالإضافة إلى إزالة بذور الموت، تحرص على زيادة الوعي حول الآثار السلبية والمدمرة.

حيث رصدت آخر التحديثات بتاريخ 7/7/2019 عن الفرق التي نزعت خلال الأسبوع ذاته 513 ذخيرة غير منفجرة وعشر عبوات ناسفة.

وبذلك يصبح مجموع ما تم نزعه منذ انطلاق المشروع ولغاية يوم 4 يوليو الجاري 74910 تنوعت بين ألغام، ذخائر غير منفجرة، وعبوات ناسفة.

ترتكز أنشطة إزالة الألغام كنوع من أنواع الاستجابة الإنسانية الخاضعة للمراقبة الدولية التي تشمل التقصي والتوعية بالمخاطر المحتملة وبلا شك أن التقدم الذي يحرزه تقرير مرصد الألغام الأرضية 2018 يشير نحو ارتفاع معدلات استخدام الألغام الأرضية على وتيرة تنذر بالخطر الشديد ما أدى إلى مزيد من الوفيات الناجمة عن ذلك والإصابات البالغة بسبب الألغام التي قامت بزراعتها الميليشيات في نحو 50 دولة.

ويأتي تكثيف جهود التطهير من خلال استخدام نهج استراتيجي شامل لتحقيق والسلام الدائم كل ذلك من أجل محاولة خفض معدلات استخدام الألغام الأرضية المرتجلة حول العالم.

برز المشروع السعودي الملهم: مشروع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لنزع الألغام في اليمن "مسام" كونه مشروعاً إنسانياً بحتاً يعزز من حجم ارتهاننا الكبير إلى الضمير العاطفة والإنسانية تجاه العالم لأنه يهدف إلى تطهير الأراضي اليمنية من الألغام والذخائر غير المنفجرة التي أودت بحياة الآلاف من الكبار والصغار الذكور والإناث وذلك من خلال زرع الأمان باليمن الشقيق.

وما الحفاظ على حياة اليمنيين إلا تأكيد على استمرار جهود المملكة ومكانتها العالمية والفعالة في الأعمال الإنسانية، والتي تهدف من هذا المشروع إلى تطهير الأراضي اليمنية من الألغام الأرضية والذخائر. بالإضافة إلى تدريب كوادر وطنية يمنية على نزع الألغام إلى جانب وضع آلية تساعد اليمنيين على امتلاك خبرات مستدامة لنزع الألغام.

وبحسب ما رُصد فقد بلغ إجمالي ما تم نزعه منذ بداية المشروع حتى الآن 72.381 لغمًا زرعتها الميليشيات الحوثية في الأراضي والمدارس والبيوت اليمنية، وحاولت إخفاءها بأشكال وألوان وطرق مختلفة.

وقد راح ضحيتها عدد كبير، سواء بالموت أو الإصابات الخطيرة أو بتر للأعضاء.

كل ذلك يشير إلى الأهمية القصوى لإزالة جميع الألغام ومخلفات الحرب.

التحذير من الألغام

يختلف النهج المستخدم وفقًا لعدد من العوامل يبرز أعلاها في وضع علامات لتحديد حقول الألغام وذلك لا يعني إزالة فورية للألغام بل يُقصد منها منع البشر من الدخول إلى المناطق الملغَّمة، حيث يتم التوعية بالألغام للسكان المحليين ليكونوا على دراية وفهم لتلك العلامات ومدى خطورتها.

ضحايا الألغام الأرضية

كارثة الألغام الأرضية في اليمن، والتي تستخدمها ميليشيا الانقلاب بشكل عشوائي يزيد المشهد الإنساني اليمني تعقيداً.

يعكس ذلك الكم الهائل من ضحايا الألغام الأرضية المنتشرة في الأراضي الزراعية والقرى والآبار والطرق حيث قتل 140 مدنياً على الأقل، من بينهم 19 طفلاً، في محافظتي الحديدة وتعز منذ 2018، وفقاً لموقع "مشروع رصد الأثر المدني"، وهو مصدر بيانات إنسانية.

هدية إيران للشعب اليمني

تشير التقارير الدولية التي قد أظهرت بدقة أن تقنيات تصنيع الألغام الأرضية والمواد والقطع المشاركة في تركيبها هي من صنع إيران!

وكشفت التقارير حقائق عدة ملخصها: أن الألغام الأرضية لا تستهدف حياة المدنيين فحسب، بل أيضًا مصادر رزقهم عن طريق زرعها في المزارع ومصادر المياه ورعي الماشية والمدارس، وخاصة في محافظة تعز حيث تقع معظم الحوادث وتتركز عليها العديد من الضحايا.

بالإضافة إلى أن القانون اليمني و"اتفاقية حظر الألغام" لعام 1997 تحظران استخدام الألغام المضادة للأفراد.

النساء والأطفال

وقود حرب الحوثيين

في ظل استمرار الميليشيات الحوثية في انتهاك القيم والأعراف والقوانين، فقد قام الحوثيون بتجنيد النساء، بطرق عدة منها التجنيد القسري، أو الابتزاز مقابل وصول المساعدات الإغاثية لعوائلهن.

هذه البرامج التي تقوم بها النساء في اليمن وتلقيهن التدريبات ترتكز على تعلم الأساليب القتالية، واستخدام الأسلحة المختلفة بأنواعها، وتصنيع العبوات الناسفة والألغام من المواد البدائية، أو المهربة عن طريق الإمداد الإيراني، وتعليمهن طريقة زراعة الألغام وتنفيذ العمليات الانتحارية.

وتأتي هذه الخطوة التي أقدمت عليها الميليشيا الحوثية استكمالاً لنهجها لانتهاكات القوانين الدولية، وتوسعاً لعمليات التجنيد غير الإنسانية للأطفال والنساء. حيث باتت نسبة تجنيد الأطفال في صفوف الحوثيين تجاوزت 50 %. كما أسست الميليشيات أكثر من أربعة معسكرات أساسية لتجنيد النساء بمختلف المناطق التي تحاصرها.

الدرون ثورة لإزالة الألغام

لا شك أن مسارات التطور الكونية تلامس في ثوراتها العالمية التكنولوجيا وتلقي بظلالها على المسار العسكري في أحدث ثورة في عمليات إزالة الألغام الأرضية وهي "الطائرات بدون طيار" حيث يمكنها أن تقدم مساعدة كبيرة في إزالة الألغام عن طريق تقليل عشرة أضعاف الوقت المستغرق لتنفيذ المسوحات غير الفنية، وهي مرحلة تتكون في تحديد وترسيم المناطق التي يحتمل أن تكون خطرة وتتطلب تدخل فرق إزالة الألغام.

ويأمل الباحثون والمهتمون في هذا الشأن في تطوير طائرة بدون طيار تحلق فوق المناطق المزروعة بالألغام، وتمسح الأرض بحثاً عن عبوات ناسفة باستخدام أجهزة استشعار رادارية. ومن الممكن أن ما تتمتع به الطائرة بدون طيار من رؤية مرتفعة سوف يجعلها اقتصادية من حيث التكاليف وأكثر أماناً. من خلال تقديم أدلة جوية على وجود أو عدم وجود الألغام وبيانات تحديد الموقع الجغرافي، فإن الطائرات بدون طيار ستتيح أيضًا إنشاء حدود أكثر دقة للمناطق التي يحتاج إليها مزيلو الألغام، مما يقلل من أوقات التدخل. خلال مرحلة الاختبار.

وتقوم فرق مكافحة الألغام عادة بإجراء اختبارات مع فرق البحث وفقًا للتقنيات الحديثة. بالإضافة إلى اختبار طائرات بدون طيار لإزالة الألغام، وبذلك شرعت في "تحدي رسم الخرائط" مع مجموعات الأبحاث لتحويل صور الأقمار الصناعية إلى خرائط للمناطق التي لم يتم تعيينها من قبل والتي تعد ضرورية لعمليات الطوارئ.