تعيش إسرائيل أوضاعاً صحية وسياسية حرجة بسبب تفشي فيروس كورونا الذي خلف 101 وفاة، وأكثر من 10700 إصابة رغم محاولة السلطات تشديد قبضتها وإغلاق البلاد لمواجهة الفيروس الشرس.
وزادت الخلافات السياسية حدة تفشي الفيروس، إذ شكل تأخر تشكيل الحكومة عبئاً آخر على كاهل القطاع الصحي وضاعف أعداد المصابين بسبب عدم اتخاذ إجراءات احترازية كافية في بداية انتشار الفيروس.
اليوم الأحد، أكدت صحيفة "هآرتس" العبرية في تقرير لها، أن مسؤولة قسم خدمات الصحة العامة في وزارة الصحة الإسرائيلية، البروفيسور سيغال ساديتسكي، لعبت منذ بداية الأزمة "دور الشرطة السيء"، إذ عبرت مراراً عن خيبة أملها من التزايد الحاد والسريع في تضاعف أعداد المصابين بكورونا، كما دقت نقوس الخطر مراراً، محذرة من أن الأسوأ لم يأت بعد. لكن وفي مقابلة مع القناة الـ"12" للتلفزيون الإسرائيلي، أكدت خلال لقاء مقتضب، "تمكنا من تسوية منحنى الإصابات، يمكنني القول، إننا في حالة جيدة".
وبحسب خبراء، فإن التوقعات تشير إلى أن التشاؤم ما زال طاغياً على المزاج العام في إسرائيل، محذرين من الإسراع في رفع الإغلاق دون أخذ الاحتياطات اللازمة بعين الاعتبار.
ويؤكد التقرير، أنه رغم الحظر المفروض، ما زال عدد الإصابات يتزايد، إذ يسجل يومياً مئات الحالات، موضحاً أن هناك نقص في عدد الاختبارات، وبطء يقوض مصداقية الأرقام، ويضيف أن الحل الأمثل هو تسريع عملية الاختبار قدر الإمكان.
أولوية الاقتصاد
من الأسباب الرئيسية لسرعة تفشي الفيروس في إسرائيل، الهم الاقتصادي الذي دفع برئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى تجاهل الأمر في بداياته، معطياً الأولوية لعجلة الاقتصاد، ومع الضغط الشديد الذي تضاعف مؤخراً اضطر لتخفيض نسبة العمل في معظم القطاعات إلى 15%، ويحاول الآن جاهداً لرفع النسبة إلى 30% في قطاعات الطيران والسياحة، والمطاعم وتنظيم المؤتمرات.
ثغرة "الحريديم"
كما شكل تجاهل طائفة "الحريديم" لتعليمات السلطات الإسرائيلية بانتشار المرض بشكل كبير في مجتمعاتهم في القدس المحتلة، ودعا حاييم كانيفسكي، أحد كبار زعماء التيار الحريديم المتطرف إلى مخالفة تعليمات وزارة الصحة، بشأن إغلاق المدارس الدينية والمعابد في إطار مواجهة تفشي الفيروس إلا أنه تراجع لاحقاً واضطر لإصدار فتوى تخالف تعليماته، وحظر في فتواه التي أقرها تحت الضغط الصلاة في الأماكن العامة معلناً تطبيق عقاب قد يصل حد القتل ضد مخالفيها.
لكن فتوى كانيفسكي، لم تنجح في تغيير نظرة غالبية الإسرائيليين لمدن الحريديم على أنها "بيت الداء"، وفي نهاية الشهر الماضي، أكدت وثيقة لوزارة الصحة الإسرائيلية، نشرتها قناة "كان" الرسمية، أن المدن التي تشهد أكبر تجمعات للمتدينين اليهود هي أكثر البؤر تفشياً للوباء في إسرائيل.
كما كشف تقرير لمركز المعلومات الوطني الإسرائيلي في 30 مارس (آذار) الماضي، أن 29٪ من المصابين بفيروس كورونا في إسرائيل، انتقلت لهم العدوى داخل المعابد والمدارس الدينية.
ورغم اتساع رقعة الفيروس في إسرائيل ما زالت السلطات، تواجه مصاعباً في فرض تعليمات وزارة الصحة، للحد من انتشار الفيروس في الأحياء ذات الأغلبية المتدينة، وخاصة في حي "مايه شعاريم" ومدينة "بني براك".
واضطرت الشرطة الإسرائيلية في أحيان كثيرة إلى تفريق العشرات والمئات من الأشخاص الذين تجمعوا في المعابد ومدارس دينية في "مايه شعاريم"، كما حررت مخالفات بسبب التجمع المحظور أو انتهاك قرار عدم الابتعاد عن المنزل لمسافة تزيد عن 100 متر.
وعزت صحيفة "هآرتس" في تقرير سابق لها تفشي الفيروس داخل المدن الحريدية، إلى التكدس الكبير فيها، فضلاً عن صعوبات تواجهها وزارة الصحة في إبلاغ من خالطوا مرضى كورونا بضرورة الدخول في حجر صحي.
ويؤكد التقرير، أن المختبرات الإسرائيلية تواصل جهودها للتوصل إلى إنتاج لقاح يساهم في علاج المصابين بفيروس كورونا، إلا أن القدرات غير كافية، خاصة وأن دولاً كبيرة مثل الولايات المتحدة والصين ما زالت تعمل على الفكرة، دون بوادر أمل حقيقية.