يابني ... الإمام هو واحد .......

    لعل في عنوان سردية الليلة كثيرا من المعلومات التي لم تخطر لك على بال بل لم تتبلور في عالم الفكر ومساحات الخيال ... التقيت بشيخ مسن في ليلة من ليالي الشهر المبارك ، في بناية من بنايات مؤسسات الدولة ، قبل عقد من الزمن أو يزيد ؛ كان ذلك الشيخ  متواضع الهيئة ، لايستلفت النظر شخصه ، إذ بدا رث الملابس ، لاتقرأ في هندامه البسيط شيئا من آثار الجاه ، ولا في بدنه شيئا من انتفاخ السلطة ، ولا في صفحتي وجهه أمرا من بريق ولمعان النعمة ، الأمر الذي جعلني أظن أنه يعمل مراسلا لدى سيده في تلك المؤسسة ، وقد صدق حدسي إذ أمسى ذلك الشيخ العجوز يخدم سيده ومن في حضرته من الضيوف ، وعند ذلك رق له حالي إذ شعرت بشيء من الغصة والألم ، وأنا أنظر إلى ذلك الشيخ الهرم يخدم شبابا ربما كانوا في سن أحفاده ، ناديته فأقبل مسرعا إلي ظنا منه أنني دعوته لخدمة ما ، وبعد أن جثا على ركبتيه أمامي ، قال : أمن خدمة أقدمها لك يابني ؟ قلت كلا ياشيخ ، وأنا أربت على كتفه بيدي ، لكن هلا جلست بجانبي ياشيخ ؟ قال : لا أستطيع فأنا أقوم بخدمة سيدي وضيوفه ، قلت لا بأس عليك ياشيخ ، لكن قبل أن تذهب أود أسألك سؤالا ؟ قال : سل يابني فأنا في خدمتك ورهن طلبك ، قلت : هل أدركت ياشيخ زمن حكم الإمام أحمد ؟ قال : أجل ياولدي بل وشيئا من زمن حكم الإمام يحيى أيضا... حسنا ياشيخ ، لكن هل تجد الأفضلية في حكم الأئمة أم في حكم الثوار لاسيما من حيث الرخاء المعيشي للمواطن ؟ أجاب بإيجاز شديد وبلهجته العامية : يابني الإمام هو واحد ، ثم انصرف عني مباشرة ، وتركني مع نفسي أحلل وأعلل ؛ لأعرف ماذا يقصد بقوله الإمام هو واحد ؟؟؟     وبعد صراع طويل مع العقل توصلت إلى بعض الإجابات منها ؛ أن ذلك الشيخ قد أراد أن يقول إن حقبة ماقبل الثورة كان المستبد بهذا الشعب شخصا واحدا ، مهما جار أو ظلم ، أما اليوم فقد أصبح عدد المستبدين والظالمين لهذا الشعب كثر ، ربما بلغ عددهم الملايين...وأنت أخي القارئ بإمكانك أن تقارن بين حجم ظلم الطاغية وبين حجم ظلم الطغاة ....  لاحول ولاقوة إلا بالله .....