في رحاب المؤسسة الأكاديمية تعودت أن لا اسأل طلابي وطالباتي عن انتمائهم الايديولوجية وهوياتهم المكانية والجهوية وبالمقابل لم اكشف لهم عن حقيقة توجهاتي السياسية إذ أنظر اليهم بعين واحدة فقط عين الاستاذ الجامعي والطالب أو الطالبة الجامعية.واعتبر تلك الأمور من الخصوصيات الفردية لكل منا هم وانّا.وفيما بعد ربما عبر وسائط التواصل الاجتماعي يكشف طلابي وطالباتي عن أنتمائهم، إذ تكتشف أن أحدهم مؤتمريا أو اشتراكيا أو إصلاحيا أو حوثيا أو أي اتجاه كان ولا يؤثر ذلك في نظرتي اليهم بوصفهم طلابا أو طالبات جامعة. ومن الجميل أن يعتقد طلابك كلهم بانك قريب منهم دون أن يكتشفوا حقيقة تحيزك الايديولوجي الوطني حتى يتخرجوا. قبل أشهر تواصل معي عبر الخاص طالب إعلام في كليتنا وطلب من كتابة وجة نظري في ذكرى تأسيس حزب المؤتمر الشعبي العام وإنجازاته الوطنية؟! قلت له! المؤتمر يا ابني ليس حزبا سياسيا وطنيا هو حصان سلطة استخدمه من أسسه حتى اكتملت وظيفته بعد خراب كل شيء والنتائج شواهد. وذات يوم تواصل معي طالب مهذب وطلب مني رأي ومقال في التاريخ الوطني للحزب الاشتراكي اليمني فأحلته الى قرأت مقال لي كتبه ونشرته في صحيفة الأيام حينما كانت صحيفة محترمة بعنوان : الاشتراكي والمس الأخير! وصباح اليوم تواصلت مع طالبة مهذبة من كلية الأداب وطلبت مني التالي: " اتمنى تشاركنا رسالتك في الذكرى 28 لتأسيس حزب الاصلا ح اليمن كاحزب سياسي مشارك في كل قضايا الوطن وياليت ترسل لنا صورتك وصفتك وتقبل خالص التحايا واليكم ردي ( صباح الخير والعافية انا بعيد لا استطيع مشارك في شي أما الأحزاب اليمنية فاعتبرها شريكة في خراب الوطن وضياع الدولة والثورة والجمهورية ومنها الاشتراكي والمؤتمر والإصلاح والرابطة وآخرها الكارثة الطائفية حق الحوثي وكل تلك الكيانات) المفرخة المتشابهة التي تشبه رؤوس الكلاب! قالت لي يا دكتور أنا بعرف أنك مش حزبي ولهذا طلبت رأيك بمناسبة ذكرى تأسيس حزب كان له ((باع كبير في نهضة اليمن )). استوقفتني كلمتي (باع) و ( ونهضة) ههههههههههه الى حد الذهول. وتسألت بيني وبين نفسي عن قوة سحر الايديولوجيا في غسل عقول الشباب الطيبين. ولأني أعرف ذلك لم الم استمر في الحوار مع الطالبة المهذبة. رغم انها الحت علي وكتبت عن معنى الجمهورية والتعددية الحزبية والديمقراطية وضرورة الأحزاب في بلد يريد أن يكون جمهوريا وهو كلام منطقيا خالصا لكن منطق الواقع يقول العكس تماما واليكم خلاصة وجهة نظري في التعددية والديمقراطية في بلد تفتقد الى مؤسسة سياسية وطنية جامعة اقصد الدولة مؤسسة المؤسسات كلها. وقد صارت في مهب العاصفة والأحزاب اليمنية شريك أساسي في هذا الخراب الوبيل! إذ بينت الدراسات والخبرات " أن الديمقراطيات لا تجعل المجتمعات دائما أكثر تحضرا, لكنها تفضح دائما وبلا رحمة صحة المجتمعات التي تحاول تجريبها ... فإذا كان المجتمع في صحة غير معقولة، فإن الديمقراطية والتعددية الحزبية لن تكون فقط محفوفة بالمخاطر، بل ربما تكون كارثة أيضا " وهذا يعني أن المشكلة ليست في التعددية الحزبية والانتخابات, بل في خلق مؤسسات بيروقراطية قانونية حديثة مستقرة قوية وقادرة على تهيئة الملعب السياسي العمومي المستقل وقواعد لعبته المجردة المحايدة التي تقف على مسافة واحدة من جميع أفراد الشعب التي تمثل سيادته, بوصفهم مواطنين أحرارا على درجة متساوية من القيمة والأهلية والحقوق بغض النظر عن مرجعياتهم وهوياتهم المختلفة. أما في ظل غياب المؤسسة البيروقراطية القوية ، مؤسسة المؤسسات أي الدولة الجامعة العادلة كما حال معظم المجتمعات العربية الراهنة فلن تخدم الديمقراطية والانتخابات إلا قدرة القوى الاجتماعية والهويات التمزيقية, وغالبا الرجعية في هدم بنية السلطة العامة وشبكات الأمان الاجتماعي. كما تشهد الوقائع الشاخصة في مصر والعراق واليمن وليبيا وسوريا
والصومال وغيرها.
والخلاصة يا أولى الألباب بشأن الأحزاب في بلاد اليمن السعيدة هي أن تلك الأحزاب كلها وبلا استثناء ظهرت ونمت وتطورت من دوائر السلطان والطغيان ولم تكن ابدا من صميم المجتمع المدني الذي لم يتشكل بعد في بلادنا، الجبهة القومية انجبت الأشتراكي اليمني من فوهات البنادق ولا صوت يعلو فوق صوت الحزب! حتى النفق الأخير ذهبت الدولة التي كان قابض على رقبتها فذهب معها. والمؤتمر الشعبي العالم أسسه العسكري القبيلي علي عبدلله صالح بعد أن تمكن من القبض على مقاليد الأمر في صنعاء بالدبابة والتوافق القبلي. أما حزب الأصلاح فعمره يدل عليه. فيكفيه ما قاله مؤسسه الرئيسي الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي كشف في كتابه عن سر تأسيسه وحيثاته فقام بوظيفته كاملة في تدمير ما كان باقي من النسيج الوطني اليمني الايديولوجية ببيان تكفير الجنوب الشهير.وهكذا صارت الأحزاب اليمنية بعد كل حساب شريك أساسي في تدمير دولة الجنوب والجمهورية اليمنية والوحدة اليمنية والثورة اليمنية وتسليمها للسيد الصبي الصغير القادم من صعده. تركت صنعاء العاصمة وولت قياداتها هاربة لاذت بجلودها المسمومة بالفساد والسحت الحرام وتركت البلاد والعباد في بين نارين لا أفدح منهما نار العبث الطائفي المليشياتي الحوثي ونار التدخل الخارج والقصف الجوي من دول الجوار ، ولم يبقى من أحزابكم غير هشيمها ومخالفاتها مذرية بين كثير من البلدان من الرياض الى تركيا وما بينهما اشخاص يمتصون ما بقى من دم الشعب والوطن بأسماء احزابهم الخردة قالت: (باع نهضة باع!) الله يسامحك يا بنتنا العزيزة أميمة استفزيتني ورب استفزاز ينجب مقال ودمت بخير وسلام ولا دامت أحزابكم يا شباب.ومن أراد الاطلاع عن رأيي في الأزمة اليمنية وأحزابها يمكنه قرأت مقالي
مع مراسل التلفزيون التشكي : اليمن من يحارب من ؟!
في الأحزاب والسياسة العبرة بالنتائج وليس بذكرى التأسيس
2018/09/11 - الساعة 11:04 صباحاً