اعترضني وانا في طريقي الى البيت بعد عودتي من النادي، وقال لي :
- باين عليك ضبحان لوتوتزن بايروح منك الضبح استوقفتني طريقته تلك في عرض بضاعته لكن لم يكن معي نقود في جيبي لاقف على ميزانه لذلك طلبت منه ان يرافقني الى الشارع وفي طريقنا سالته عن اسمه فرد بان اسمه رفيق محمد علي من بلاد الطعام محافظة ريمة يدرس في صف سادس ويساعد اسرته بالعمل في الميزان كل صباح يحمل ميزانه ويخرج بحثا عن الرزق يجوب الشوارع ويمضي من حي الى آخر يعرض بضاعته على الماره يناديهم ويحاول جاهدا ان يغريهم بعسل كلامه فقبل ان يلتفت الي سمعته يقول لاحدهم بان ميزانه يبعد الضبح ويجعل الضبحان سالي كان الرجل ضابحا بالفعل ومن ضبحه راح يهش طفل الميزان وبصرخ فيه ان يبتعد من طريقه قلت له ليش تجري بعد الناس تلاحقهم وتطلب منهم يوزونوا!
ليش ماتجلسش في مكان والذي يشتي يوتزن يجي لاعندك قال كأنه يتفّه وجهة نظري : الرزق يشتيك تروح له تلاحقه وتجري بعده اما اذا جلست في مكان تنتظر منه يلاحقك ويجري بعدك تروح خسران سألته عن المحصول فرد بانه طلب الله باربعمائة ريال قلت له:
من الصباح طلبت الله باربعمائة هذا كلام لايدخل في العقل وعندها حلف لي يمين بانه خرج من بيتهم الساعة السابعة صباحا لكنه قال بان الناس هذي الايام مالهم، قلت له : مالهم الناس هذي الايام قال : مايرضو يوتزنوا وبحسب تعبيره "الناس ضبحانين ولوما اقول لهم ميزاني يبعد الضبح مايصدقوا " قلت له: شوف يارفيق انت قلت علي بانك شفتنا ضبحان لكن انا مش ضبحان انا سالي ولوانا ضبحان ماقلت لك تعال بعدي عندما وصلنا الشارع شاف سيارة حلوة وقال وهو يشير اليها:
-هذي السياري اخورها لك قلت له : تعرف انا ايش اخور ؟
قال لي: -ايش تخور؟
قلت له: ا خور يارفيق تتغدي معي في البيت.
قال: وقد بدا عليه الخوف بانه لايدخل بيوت الناس ولايمكن وفيما كنت اقترب من البيت راح هو يتراجع الى الخلف ويهم بالعودة لكني بذلت جهدا لتطمينه وقلت له:
في البيت نسوان كثييير وكلهن ضابحات نوصل ونقول لهن هذا رفيق صاحب الميزان وميزانه مش اي ميزان هذا ميزان يجلب لمن يوتزن فيه الفرح والسعادة وينسيه الهموم والاحزان اما النسوان فالمرة حتى لوهي خيبة بعد ما توتزن ترجع حلوة ولحظتها ابتسم رفيق وتقدم جهة الباب واطمئن اكثر عندما راى اخت الزوجة ترحب به دخلنا البيت وقلت: اخبر زوجتي واخواتها وبنات خواتها بان معي ضيفا من ريمة هو طفل الميزان وطلبت منهن ان يسرعن الى ميزانه فكان ان تقاطرن وصعدن الميزان الواحدة بعد الاخرى وبعد ذلك قدمن طعام الغدا سمك ورز وتحلقنا جميعنا حول المائدة وكان طفل الميزان ضيف الشرف الكل يحتفي به والكل سعيد بحضوره.
وبعد الغدا قلت لحفيدي يوسف رح كلمهن وقل لهن يجيبين اجرة الميزان لكن النسوان بخيلات كعادتهن مسرفات في عواطفهن كن قدغمرن طفل الميزان بعواطف نبيلة وغزيرة واوليناه عناية خاصة وقت الغدا لكنهن فيما يتعلق بالفلوس تعامسن وتقاعسن وكأن الامر لايعنيهن.
قال لي رفيق ونحن بالديوان بعد ان انتهينا من الغدا بان امه لو عرفت بانه دخل بيتنا سوف تغضب وتزعل منه، وقال وهو يشير الى يوسف حفيدي -عمره اربع سنوات-: -لو مايكبر شوية خلوه يطلب الله بالميزان قلت له: يوسف هذا كسول ولعّاب ولو جبنا له ميزان يطلب الله فيه بايخرج يبيعه ويبيعنا معه، عندها ضحك طفل الميزان وقال بان امه اشترت مجلس الديوان بمائتي الف ريال وانها دفعت هذا المبلغ من دخل الميزان قال ذلك بشيئ من الفخر كيما يثبت لي بانه رجل لديه شعور بالمسؤوليه وليس مثل حفيدي يوسف الكسول واللعاب.
قلت له وهو يهم بالانصراف : ليش يارفيق مستعجل فرد بانه سوف يخرج يطلب الله قلت له بان نسوان البيت يجمعن الفلوس له و سوف يعود الى امه بمبلغ تفرح به وانه لا داعي لعمل اضافي بعد الظهر وبكل مالدي من صوت اطلقت صرخة عظيمة في وجوه نساء البيت وطلبت منهن ان يسرعن في تسديد ماعليهن لطفل الميزان.
عندها اقبلت اخت الزوجة وفي يدها مئتا ريال
-ماهذا ؟صرخت فيها، حين رايت ضآلة المبلغ.
-منكن سبع في البيت وكلكن اوتزنتن مرتين مرة قبل الغدا ومرة بعد وفي الاخير تجيبين مائتي.
قال طفل الميزان في محاولة منه لتخفيف غضبي :
-الحاصل وبعدا قد غديتونا اكرمكم الله.
قلت: ياعيباه نغديك ونخصم عليك حق الغدا.
قال :عادي اخصمو ما فيها الحق حق، عندها انفجرت ضاحكا من كلام طفل الميزان وقلت له وانا اودعه :
هذا الف ريال مني وهذي مئتين من النسوان البخيلات.