قراءة مختلفة لما حدث في البصرة

قبل عدة شهور قطعت ايران مياه نهر الخابور عن البصرة ، ومن قبله إمدادات الكهرباء توطئة - كما يبدو - لما جرى في البصرة  .

 الشعب العربي العراقي الذي انتفض في البصرة انتفاضة سلمية ضد الفساد والفاسدين وأذناب طهران من أحزاب وشخصيات وميليشيات ، وجد نفسه وحيدا في وجه الرصاص الذي انهال عليه من كل الجهات ، وبرغم انتفاضته الشعبية العفوية ، إلا أن لهذه الثورة  مقدمات وأسبابا  كانت الأصابع الأيرانية قد حاكتها بخبث ودهاء ، لتربك المشهد الذي أوشك السياسيون فيه  على التوصل إلى الكتلة الأكبر ومن ثم تشكيل الحكومة التي لا مناص امامها سوى تطبيق عقوبات ترامب  .

إيران التي تستغل عوز وفاقة العراقيين في كل العراق ، والتي " شفطت " و ميليشياتها كل ثروات هذا البلد الجريح ، هي التي صبت الزيت على نار البصرة ، من أجل تعطيل تشكيل الكتلة الاكبر التي ترفض بجل أعضائها النفوذ الفارسي في العراق العربي ، أولا ، وثانيا :  من أجل الضغط على الولايات المتحدة وإشغالها بعراق نازف غير مستقر ، وغير قادر على تصدير نفطه   وبالتالي ارتفاع أسعار النفط لأرقام قياسية ، مما يجعل ترامب الساعي لخنق ايران ومنع صادراتها في تشرين ثاني نوفمبر المقبل يتراجع عن عقوباته ويسمح بالتالي للنفط الإيراني بالتدفق ، وثالثا : هي رسالة أيرانية للولايات المتحدة ومعسكرها العراقي بأن أي حكومة لا تساهم أيران في تشكيلها لن ترى النور حتى لو احترق البلد بأسره وها هي نجحت سياسيا في إبعاد رئيس  حكومة تسيير الأعمال من المشهد بعد انضمام " سائرون " لجوقة المطالبين باستقالته عقب الأحداث .                     .

نستذكر بهذا الصدد تهديد نوري المالكي بحرب أهلية خلال الإنتخابات الأخيرة في حال رسوبه ودولة القانون  ، وأيضا ، نستذكر ما أعلنه  هادي العامري عن أنه سيسقط اي حكومة عراقية في غضون شهرين ، لهذا وغيره ، فإن ما جري في البصرة ،  مع التسليم بأحقية مطالب شعبها العربي المظلوم المنهوب ، ليس سوى  مؤامرة أيرانية استغلت حاجة الناس العاديين وفقرهم وغضبهم  لتنفيذ أجندتها في عراق يجب أن يكون تحت النفوذ الفارسي وبأي ثمن ، إلا أن نار البصرة ارتدت عليها ، وإذاما اشتعل  أوارها من جديد فإنها  ستمتد إلى محافظات اخرى وإلى ما هو  أبعد من حرق مقرات منظمات بدر والعصائب التابعة للحرس الثوري والقنصلية الايرانية ، وحينها ينقلب السحر على الساحر ، غير أن ميليشيات الحشد ستكون رأس الحربة في محاولة قمع أي تظاهرات جديدة  في المدينة ، مما يجعلنا نتحسب لأعمال قد تكون خطيرة ، ولها تداعيات غير محمودة على الامن بشكل  عام  في عموم العراق .

لقد تواترت الأنباء عن تلقي نواب عراقيين تهديدات بالقتل في حال قبلوا الإنضواء تحت " سائرون وحلفائه  - مقتدى الصدر "  ضد معكسر الفتح وحلفائه " هادي العامري " وهي مجرد صورة من مشهد كلي يقول : إن طهران  مستعدة لتفجير العراق كله من الداخل طالما أن نظام الملالي  مقبل على انتكاسات كبرى على تماس مع مصيره هو نفسه ، أما لسان حاله في حالة البصرة وعموم العراق  فيقول : " إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر ُ " .