تتأسى الخطابات الإعلامية العربية بالخطاب الاعلامي العالمي لتستنفر كل الألوان القاتمة والمضرجة بالحمرة، لرأب الصدع بين الظاهر المحكى والواقع المعاش، حينئذ هنالك تتبدى أكثر المشاهد قسوة، على لسان أحد المراسلين.. والذين يعدون أحد شهود العيان والوحيدون، الذين تقع على عاتقهم مسئولية نقل الحقيقة، لذلك الحدث لأكثر الدول العربية نزاعا" وعنفا"، كسوريا والعراق واليمن، لكن أغلبية هؤلاء الشهود دائما" مايربطون، تصوراتهم وقناعاتهم المسبقة عن الصراع، دون تجشم عناء السبر في أغوار ما وراء الحدث، فتحضر الصورة ذات الحضور الفيزيقي، لتساند تلك الشهادة المبتورة، ليظهر ذلك المحلل ذو ربطة العنق الانيقة محملا" بتصور مسبق ليردد لنا كالبغبغاء بصوت مقيت سيناريو معد سلفا" تكثف من ألوان المشهد، وتداخله للوطن العربي، وما بين هذه القناة وتلك ومابين الخطاب الإعلامي العربي والخطاب الإعلامي الغربي، يسقط تيهنا أكثر في مستنقع التخبط وتزداد الآراء صدعا" بين الاصدقاء من العوام، في كل تجمع ترفيهي ساخر أو جاد لفيض من الحذلقة والتمنطق خلف رؤى تسللت عبر شاشات التلفاز وأحبار الصحف، فمنذ الازمة السورية تأرجحت أراؤنا مابين تجريم الرئيس السوري بشار الاسد وتجريم المقاومة، التي سرعان ماتشظت منذ بدء الثورة الى فصائل مختلفة المضمون والتوجه، فبدت رواية البراميل المتفجرة، أبعد ما يصدقها عقل.
وليست العراق أحسن حالا" من سوريا ، حيث بدت الصورة أكثر قلقا" بفيض من الغموض تجاه الدولة الاسلامية وعلاقتها بالحشد الشعبي والبشمركة، بينما يسقط الخطاب الإعلامي في براثن التدليس والقتامة يأثم الخطاب الإعلام الغربي أيضا بدس الصورة النمطية للعربي المسلم المفخخ بفكر متطرف، فسرعان ما تتلاشى ظنوننا تجاه الإعلام الغربي و إن بدى سعيه نحو الحقيقة المنشودة، الظفر بإعلام عربي متزن ينشد الحقيقة ويحترم عقلية المتلقي/المشاهد ليس ضربا" من الخيال، في ظل استحقاقات عصرية وقومية، وفي ظل متلقي طموح يسعى نحو الحقيقة الكاملة، ويعي حقوق المواطنة والمساواة في الشفافية الإعلامية، وحق المشاركة في القرار السياسي وتقرير المصير. و نحن نحتاج الى إعلام استقصائي يدفع بالإعلام جادة الصواب.