الوداع

      في لحظة الفراق الأبدي لمن نحب، نجد أنفسنا أمام اختبار الصبر.. فنقع في حيرة من أمرنا كيف يمكننا أن نتقبل ذلك القضاء _ الذي لا اعتراض عليه_، ونحن نودع أحبتنا ونعلم أنه الوداع الأخير؟.

الجواب ذُكر في قوله تعالى عز وجل: "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ"..فالصابر هو الذي يتقبل قضاء الله وقدره، ويثق في حكمته، وهو الذي يُحسِن الظن بالله، وأن الله لا يفعل شيئًا عبثًا، وأن كل شيء عنده بمقدار..وما يحدث له هدف ومعنى.

   نوف عبدالرحمن اللحجي، كانت زهرة يانعة، نبوغ مبكر، عبقرية في الكتابة واللغة..أحبت والديها كما احبت الحياة، الكتابة، واللغة اليابانية التي اجادتها..وهي من القلائل اللاتي أجدنها في بلادنا.. لكن الله سبحانه وتعالى _وفي ذلك حكمة_ اختارها إلى جواره لتحتل _باذنه تعالى _ مكانًا خاصًا في جناته، قبل أن تنثر عبق عِلمها على جنبات الزمكانية.

   من عرفها، ودعها والدموع سيالة في مآقيه..وقلبه يعتصر ألمًا على فراقها..ولكن عزاؤهم قوة ايمانهم بالقضاء خيره وشره.

   إن الكلمات تقف عاجزة للبوح في مثل هذه المواقف بما يجيش في الصدر.. لأن المصاب جلل..لكن (نوف) لن يمحو الزمن ذكراها من قلوبنا.

   نسأل الله أن يسكنها فسيح جناته..ويصبر والديها، واحبتها.