وداعا..قاضينا جمال

كنت أناديه دائما بقاضينا جمال..، السلام عليكم  ياقاضينا.. كيف حالك ياقاضينا .. أيش رأيك بالموضوع الفلاني ياقاضينا.. فكان يرد التحية والجواب بصوت هادئ مهما كان موضوع السؤال مستفزا.

أتسمت شخصيته بالهدوء والصبر وبطيبة القلب والسماحة، فلم يرفع صوته على أحد، ولم يعبس بوجه أحد أبدا.. هكذا عرفناه وهكذا كان قاصينا جمال دمث الاخلاق طيب المعشر بسيطا سهل التعامل مع كل اصناف البشر.

 كنا عادة نلتقي اسبوعيا بديوان الشخصية الاجتماعية المرحوم/علي باهارون بمديرية خورمكسر بعدن، وكان قليل الكلام يتحدث لمما وينصت باحترام لمحدثه على غير عادة العديد من رواد المنتدى.

كان متواضعا، طيب القلب، رحيما يعطف على بسطاء الناس، يحمل همومهم، واحلامهم، ويعتصر ألما لمعاناتهم..، وكان يتطلع دائما الى غد يسود فيه الحب والرخاء والعدل لكل الناس دون استثناء.

لايحب ان يتباه أو يتعالى على أحد حتى ان الكثيرين ممن تعرفوا عليه بمناسبات وباماكن مختلفة لم يعرفوا انه شخصية قانونية كبيرة وقاضيا بل عرفوه بالانسان الطيب جمال، فقط..، وبقيت صفة التواضع والبساطة تلازمة حتى عندما عين نائبا عاما للجمهورية تم وزيرا للعدل.

كان اخر لقاء جمعتي به عقب صلاة العيد..، وتصافحنا بحرارة وتبادلنا اطراف الحديث وسألنا عن بعض الاصدقاء وأحوالهم، وان مهمة الوزير التي يتولاه شغلته كثيرا وأبعدته عن اللقاء بالاصدقاء..، وقبل المغادرة قال لي، تريد أي خدمة منى وعادنا هنا لانني سوف اسافر خلال أيام، فشكرته وتوادعنا على أمل بلقاء اخر..، ولكني لم أكن ادري انه سيكون اللقاء الاخير بيننا..

وقد تابعت اخباره ورحلته العلاجيه الى مصر، ومن ثم الى روسيا وكنت اتضرع الى الله ان يشفيه من تداعيات أمراض القلب الذي عانى منها منذ سنوات.

لعل طيبة قلبه وتحمله لهمومه العامة ومشاطرته لهموم البسطاء وصبره اثقل فؤاده بأكثر مما يحتمل إلى ان توقف عن الخفقان معلنا السكون الابدي في جسده، لتنبض سماته الطيبة في قلوب محبيه وكل من عرفه عن قرب.

وداعا قاضينا جمال، وليرحمك الله ويغفر لك، ويسكنك برحمته وقدرته فسيح جناته مع الانبياء والصديقين.. والهمنا وذويك وكل محبيك الصبر والسلوان..إنا لله وإنا إليه راجعون.

يذكر ان القاضي/جمال محمد عمر وزير العدل، توفي اليوم الجمعة 16 نوفمبر2018م، في العاصمة الروسية موسكو، نتيجة أزمة قلبية حادة.

وجاءت وفاة وزير العدل وهو لايزال في مرحلة العلاج  منذ عدة اشهر اثر معاناته من من أمراض في القلب.

وخضع القاضي جمال محمد عمر قبل نحو شهرين لعملية جراحية في احد المشافي بالعاصمة المصرية القاهرة.

وعين القاضي/جمال محمد عمر في ال27 أبريل 2017م، وزيرا للعدل في تعديل وزاري بحكومة الشرعية وكرس جهوده لإعادة هيبة القضاء من خلال إعادة تفعيل دور المؤسسة القضائية والنيابات العامة والمحاكم.

والقاضي جمال محمد عمر من أبناء مدينة  عدن 17 يونيو 1960م، بمديرية التواهي.

درس الابتدائية و الإعدادية  في مدينة التواهي الابتدائية في المدرسة الحكومية بندر جديد، والإعدادية بمدرسة الشهيد الدلالي، وسنه أولى ثانوي في ثانوية 10سبتمبر، ودرس تأني وثالث ثانوي في ثانوية باذيب بكريتر.

التحق بالخدمة العسكرية، تم توجه للدراسة الجامعية بروسيا، وحصل على ماجستير حقوق من الاتحاد السوفيتي سابقا، أشتغل في سلك القضاء ل 27  عاما، وتدرج في العمل بالمحاكم قاضيا ورئيس محكمة، ثم نائبا عاما للجمهورية، قبل ان يعين وزيرا للعدل.

شارك في العديد من المؤتمرات بمجال تخصصه في داخل البلاد والخارج، حاصل علی العديد من الشهادات التقديرية.

وترقى بالدرجات القضائية قاضي جزئي، قاضي ابتدائي،  رئيس محكمه ابتدائية،  عضو محكمة استئناف، نائب رئيس محكمة استئناف، رئيس محكمة استئناف.
المكلوم/ نصر مبارك باغريب
.