في ذكرى 30نوفمبر..للعيد وظيفته

ترددت كثيرا قبل أن أكتب هذا المقال نظرا للظروف القاسية والمؤلمة والصعبة التي تمر  بها البلاد، وأنا لاأريد أن أغضب البعض ولكني غيور على وطني  وأؤمن بأننا لن نتغير أذا لم نعرف حقيقة أوضاعنا المأساوية  وأمكانياتنا المهدره وشلال الدم الذي يسفك  وأوجه القصور التي فينا، وأنا هنا لا أتكلم عن حكومة او اوقيادة اوجماعة اوفئة فقط ، بل أتكلم عن شعب لابد أن يفيق من تماهيه وأن يحقن دمائه التي هدرت وأن يستنهض قواه وقدراته وأن يسترجع ويستحضر روح اليمانيون الاجداد قادة الفتوحات .. روح بناة السد العظيم، والصهاريج  والقلاع والحصون  و أن يسموا فوق الجراحات .. بروح الحكمة اليمانية  التي تكلم عنها التاريخ القديم والحديث ، فهل نستنبط العبر  من ذكرى الثلاثين من نوفمبر...ذكرى النضال الحقيقي ضد المستعمر..ضد الامبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس أنذاك...... ...وهل سألت  يوما وقد اخذك العيد بطقوسه وموجه : ما العيد؟وما قصته؟
حين تنتشر البهجة ألوانا في الساحات  ويتبادل الناس التهاني التقليدية  اللازمة كل عام وانت بخير...حين ذاك هل تساءل جارك ماقصة الاعياد والانسان؟ 
أغلب الظن انك لم تفعل وأنه لم يفعل...أهو يوم مقدر نزل في التقويم السنوي من اعلى او من حيث لاندري وقد ورثناه او اصطلحنا عليه.

قد يكون معنى العيد ضاع اليوم بسبب الحرب والدمار والخراب والتشرد والفوضى المخله (الخلاقه) وضاعت ألوانه الحقيقية مع الالوان الزائفة وبين ذلك كله؟!
  
فأن للعيد وظيفته الاجتماعية الكبرى في حماية المجتمع  والحفاظ عليه وعلى تماسكه لانه حاجة أنسانية وهو ظاهرة أجتماعية  بصورة أساسية ، فالاعياد لاتكون فردية ابدأ _فهل تستطيع  ان تكون وحدك عيدا؟ 
الأعياد دومأ  في حياة المجتمعات  شئ كثير....
أنها وقفة دورية في مسيرة الشعوب  تؤكد فيها الروحية ومبادئها وطموحاتها الكبرى وأندماج في المجتمع التي يسند الفرد ويحميه  ويلتقي معه عند المعاني التي يحملها العيد بين جناحيه وهي  الى هذا وذاك كله خروج على  ملل الحياة  المألوفه فأن فقدت الحياة طعمها وأصبحت رتيبة في غمرة التكرار اليومي. 
جاء العيد ليكسر هذا التكرار ويستنهض ويجدد النشاط والقيم..فسر الفرح الذي يرافق العيد تلك المظاهر الطقسية التي تسمح فيه بالرقص والغناء والاناشيد والصلاة...ولان العيد أنفعال جماعي شرطه اشتراك المجتمع كله بعضه مع بعض فان الارتباط يحدد مستوى الترابط الاجتماعي والمشاركه في العيد  مرتبطة بمقدار المشاركة الحميمية مع المجتمع في قيمه واهدافه وأماله. 

لهذا ياترى لاتجد أمة بدون عيد؟  ولاتجد شعبأ في الدنيا لا أعياد له؟
 كما تحاول اليوم الامم أقتحام بعض القيم الانسانية الشاملة على دنيا الأعياد وتحاول رفع بعض المعاني الى مستوى التقديس والفرح العام ، وهناك عدد كبير من الدول تحتفل بعيد العمال او الفلاح او الشهيد اوالشجرة او الصحة او العلم اوالعلم الوطني أو حقوق الأنسان او عيد الهنود الحمر، على انها أعياد رسمية ايام مفردة باهته  لاتصل ولم تصل بعد الى الضمير الشعبي الجمعي_ حيث يتفجر الفرح العرم وحيث ينسج  الشعور بالكل في الواحد وبالواحد بالكل....
العيد الابرز في كل أمة مايزال ذلك العيد المتصل بالحرية والتحرر المرتبط بتراب الوطن وذكرى الصلة ونضال الأجيال من أجله الحرية والاستقلال ، وتحرر التراب الوطني من الأجنبي ، ، هي القيم التي أقبلت  في هذا العصر الحديث، فالأعياد الوطنية والقومية واعياد الحرية هي التي تحتل الان ساحة الفرح هي التي تستأثر بالزينات والمشاعل وعقود الورد والريحان..وأذا وضعنا جانبا أعياد المولد النبوي والهجرة والعيدين وعيد ميلاد المسيح ورأس السنة وعيد بوذا وكونفوشيوس.....وكذا أعياد الملوك القائمين  في ميلادهم وفي التتويج والرؤساء الحاكمين في ثوراتهم.
 
كان عيد الحرية ...عند كل أمه هو عيد الأعياد لأنه يجمع بين الأنسان والأرض معا يمثل حرية التراب الوطني،.وهنا أتذكر الرواية الصينية التي تروي  عن ملك الصين الأسطوري (سينغ)  أبتلى بهجوم الشياطين السبعه على أطراف مملكته فوجه أولادة السبعة الى تلك الأطراف ووعدهم أن أنتصروا أن يوزع بينهم الكنوز كلها التي وصفها بأبراج القصر الملكي الحصين وعاد الأولاد من معارك الموت يروون بطولاتهم في القتال ...يتحدثون عن الهول الذي لقوا ، وكيف شق هذا بسيفه كتل الغبار والأجساد.  وكيف نجا الأخر بالأعاجيب من مخالب الشيطان وكيف قطف الثالث رؤوس العفاريت وأنتصر...وسلمهم الأب مفاتيح الابراج ولكنهم  دهشوا جميعا حين لم يجدوا فيها سوى كيس من التراب !!
وجاءوا أباهم عشاء صامتين ينعون الأمال  الخائبة ..فقال الملك(سينغ):
بلى ياأولادي هذا التراب هو الكنز الوحيد الذي أملكه وتملكون وأنه ليستحق الموت من أجله...كما يستحق فرح النصر الذي به تشعرون.....فهل أصبنا الغرض في الاحتفال بعيد الحرية والأستقلال.

    هناك أمل كبير للخروج بمانحن فيه، ووقف نزيف الدم وأيقاف الحرب المسعورة.التي  دمرت الأخضر واليابس والتي لم تكن أبدا من أجل اليمنيين.....ولانني مقتنع پأن اليمنيون هم شعب عظيم ، ولكن أحب ان أستعير  بعضا من أقوال ديجول عن العظمة والمجد فقد قال ديجول((لا يمكن تحقيق أي شئ _عظيم دون عظماء إلا أذا كانوا عاقدي العزم على يكونوا كذلك[ و] لا يعطى المجد ذاته إلا لمن يحلم به دومأ )).