في السابع عشر من أغسطس عُثرَ على جثة الطفل " معتز " الذي كان مختفيًا منذ ثلاثة أيام، عُثر عليها في سيارةٍ مغلقة كأنهُ ماتَ مخنوقًا ..
يخيل لي أنَّ معتز صاحب الضحكة الملائكية كان يظنُ أنَّ الخاطف شيطان سيأخذهُ إلى الروضة من دونِ أمهِ عقابًا على خطأ ارتكبه.. ربما كان يقول في نفسهِ " لن أكذب مرةً أخرى ، لن أعصي كلام أمي ، أعيدوني إليها "
لا أدري كيف قلوبهم تسمح لهم بإطفاءِ تلكَ الضحكة ، وإغلاق تلك العيون البريئةِ إلى الأبد ، لا أدري كيف ضمائرهم تسمح بزرع الخوف في قلوب هؤلاءِ الملائكة ، وإسقاط دموعهم حد التورم !
نحسبهم أمواتًا وهم أحياء عند ربهم يرزقون
بكل أسى كتبت هذهِ الرسالة.. وكأن الدمع يأخذ دور الحبر .
*الرسالة*
الأمرُ محزن جدًا.. أن ترسل رسائلي هذهِ للأطفال، ترى هل نحن في موسم قتلِ الأطفال؟ كنتُ دائمًا أسألُ لماذا يموت الأطفال؟ واليوم أسأل.لماذا يقتلون ؟
هو الموتُ حقٌ أعلم ولكن يا إلهي يوجعني موتهم رغمًا عني .. فكيفَ بقتلهم !
صغيري معتز.. أعلمُ أن مقدمتي هذهِ صعبةٌ عليك ولكنني أثق بأنكَ تشعر بما أريد أن أكتبه لك منذُ بدايةِ الرسالة.
لن أسألك من اختطفك ومن قتلك وكيفَ؟ لا لا ماعدتُ أريدُ أن أعرف أسباب قتلكم البتة !
لكنني على يقين أن هناكَ وحشًا قامَ بهذهِ الجريمة، نعم ياعزيزي كثيرةٌ هي الوحوش هنا، يؤسفني أن أخبرك أن تلك التي تشاهدها بالمسلسلات الكرتونية يوجد الكثير منها هُنا .. بيد أنَّ الفرق أنَّ هناكَ بطلًا يحمي الأطفال دائمًا؛ ربما كنتَ تنتظره.. لكن للأسف نحنُ نفتقرُ إلى حب الخير نفتقرُ إلى حب الأطفال أيضًا.
الشر في رواجٍ والقتل من أولوياتهم.. ربما ذنبكم أنكم من هذا الوطن وولدتم في هذا الوطن !
كان دوستويفسكي يقول: لا تكبر إنهُ فخ !
أي إن الكبر والوعي هناك هما المصيبة..
لو أنه من بلادنا لكتب للجنين وهو في بطنِ أمه: لاتجئ نهُ فخ !
فعلًا الأسلم هنا أن لايجيء.. أصبحت أخشى أن أصبح أمًّا يا معتز، خشيةَ أن أفقد طفلي كما فقدتكَ أمك !
لا أظنني سأقوى على التحمل.. لن أفكر أبدًا بالإنجاب طالما هذا حالنا !
منذ كنتُ طفلة وأنا أحلم بأن يكون لدي أطفال،
كنت أقول لأمي: أريد أن أصبح معلمة أطفال، وعندما أصبحت كنت أخشى الصراخ بوجههم خشية أن أرى دمعهم ، كيف استطاعوا قتلكم ورؤية دمائكم كيف ؟!
عزيزي معتز.. إنني أكتب إليك بدموعي فهل تسمع نحيبي ؟