بعض المثقفين المطلعين يتخلوا عن الحصافة، ويجيرو الابدع و المخزون الثقافي ، بل يوظفوه توظيفاً عشوائياً ، حيث يجمل قراءة الواقع القبيح بزخات من الإثارة التي لاتستجيب لمتطلبات المتغير وطنيا واقليميا ودولياً.
بعض المثقفين قد يدخل المطبخ السياسي- الإعلامي وهو لايعلم بمحتوى هذا المطبخ من المواد ان كانت صالحة للإستخدام ، او هي المواد المطلوبة التي تستجيب لروشتة ومقادير الطبخة السياسية - الإعلامية. لذا هو اي هذه العينة من المثقفين مايهمه ان يقدم وجبة بالموجود من المواد ، فتظهر الوجبة خليط من كل الوجبات بدون اسم او عنوان او فكرة او توجه او راي محدد الهدف والغاية.
ففي السياسة تحتاج القراءة الى ان تبنى على وضوح المعلومة ومصدرها وثبات الموقف ، لا الى التنطط لمرور الحبل من تحت القدم واعلى الرأس ، فتجد نفسك تقرأ الرجل المثقف وليس الموقف الذي يتناوله او الوضع السياسي الذي يعالجه..حينا تراه معتدلاً وحيناً شططا وحيناً اخر متروياً وحينا واقعياً وتارة متارجحا واخرى متناقضاً..وهكذا يظهر المثقف قلم يكتب لكل التوجهات والإتجاهات الفكرية والسياسية والمواقف ..يغضب ذاك ليرضي هذا ، يتناول النقيض بالمديح ليغيض نقيضه ..ينشر له موضوع كتبه ثم يقلب الموضوع 180 درجة ليغيض من افرحهم وهو يمتدح ما كان قد ذمة.
هو مع الوحدة وضد استقلال الجنوب ، ثم اعتراف بحق الجنوب وتفصيل مساوئ الوحدة ، هو مع الإمارات ضد الأخوان ومع السعودية في الموقف من الأخوان..هو مع الخطأ السياسي الكبير المغفور له بجرة قلم..هو يغفر وهو يقسو ، هو يفتي ويظلم.. يجعل من الإجراء الإداري موقف سياسي أو رسالة موجهة ليحمله خطيئة استراتيجية لا تغتفر ويغفر مالم يغفر له. يتحول المثقف الى قلم يتوب عن الخطأ ويتمرد عن توبة بعد تصحيح الإعوجاج.
هكذا يقع بعض المثقفين بين التصحيح والتوضيح والتوبة والتمرد عن التوبة.. لاترى له ملامح لحاضر ولا مؤشرات لقادم.