الأهداء الى : س - ل - م
سألني احدهم كيف خسر إعلام الانتقالي معركته الإعلامية والسياسية دفعة واحدة ..!
أجبته :" حاربوا بألسنتهم وحاربتهم الناس بعقولها ..
وحدثوا الناس عن أوهامهم وحدث مناوئيهم الناس بما يُعقل وبحدود الممكن..
كانت بيده "بيضة"
أشرت إليها وقلت لها :" هذه البيضة مثلا .. يمكن طباختها لكم من الأشخاص عددا؟
قال :" واحد ..
قلت :" وإذا قلت لك أنها تكفي عشرة..
ضحك وقال :" ستكون كاذب..
قلت:" لماذا؟
قال :" لان معطيات واقع البيضة الواحدة غير حديثك هذا.
قلت له :" وهم كذلك قالوا للناس أنهم يريدون انفصالا وان الشرعية حكومة احتلال وإنهم يقاتلون إلى جانب هادي ويعترفون بشرعيته وان الانفصال الذي يسعون له لايريدونه الآن لكنه لن يأتي إلا عبر حكومة هادي التي لايعترفون بها ويحاربون لأجلها ..
تاهت خطوات القيادة وغابت الرؤية لدى المتحدثين واختلط الحابل بالنابل فلم يعد المتحدث قبل المستمع يدرك مايقول..!
هذه كل الحكاية ..
منذ اللحظة الأولى بدأ "إعلام" الانتقالي عاجزا عن مواكبة كل الأحداث وفشل في إحداث خطاب إعلامي حقيقي يلامس مشاعر الناس وأحاسيسها .
تبدو المأساة متجلية في أبشع صورها حينما يغرد احد إعلاميي الانتقالي شاكيا انه أرسل ملف طلب توظيف لمكتب رئاسة الجمهورية ولم يُقبل ..!
ذات الشرعية هي ذات المنظومة التي يدعو نفس الشخص لإسقاطها ويصفها (بالاحتلال) ويطلب وظيفتها الحكومية التي ستلزمه بالاعتراف بمشروعيتها..
هل فهمتم شيء ..!؟
أسوأ الأشياء ان تُسند المهام إلى غير أهلها، ان يصبح بائعا للمستلزمات النسائية موجها إعلاميا لعدد من الناس ،فتتداخل مهام المزلق الجنسي مع المزلق الفكري وكلها تنزلق عبر ذات الشخص ولكن الى "الحضيض"!
وهذا وجه من أوجه التناقض والغرابة في سلوك سياسي وإعلامي تشظى وعجز حتى ان يخطو خطوة واحدة إلى الأمام.
وهذا الفشل ليس متصلا بإعلام الانتقالي لكنه يرتبط ارتباطا وثيقا بمرحلة مابعد الحرب في عدن حيث طفت "الشعارات" على بحيرة آسنة من المشاريع (القروية) ، ذات المشاريع التي يقف الناس فيها على حواجز الطرق ليتم التدقيق في الهويات ولايباع للناس غير الشعارات فيأكلون منها ماتيسر صباحا ومساءا .
في مرحلة مابعد الحرب ،كانت لدى الجنوبيين فرصة تاريخية في النهوض بعدن وإرسال رسالة طمأنة كبيرة أنهم يملكون قدرة التأسيس لدولة عقلانية .. عقلانية .. نعم عقلانية ، تقبل بالجميع وتنطلق نحو أفاق مستقبل كبيرة.
وقف العالم مشدوها وعدن تتحول إلى قرية ، لم يكن النموذج جاذبا ولا مثيرا لأي اهتمام كان مفزعا لذلك فشل على كافة الأصعدة .
ولم يكن هناك مايمنع الانفصال شيء سوى العقلية التي أدارت الأمر ،فالشمال مُحطم ومنهار والتحالف أكثر إنشغالا من ان يمنع شيء ما اذا ما أُحسنت إدارته.
في الواقع وبعيدا عن "الانفصال" كانت الفرصة ان تكون "عدن" منطلقا لكل رؤوس الأموال اليمنية عقب الحرب ، ان تكون النموذج اليمني الحقيقي للمناطق المحررة ، كان يمكن لكل الأموال اليمنية الهاربة ان تذهب إلى عدن وان يستفيد الجميع لكنهم نصبوا النقاط وفتشوا في هوية كل رجال الأعمال وطاردوهم وصادروا حقهم ..
في "عدن"مابعد الحرب بيعت الشعارات ولاشيء غيرها ويكفي لتعرف حجم المأساة ان تصبح القضية الوطنية الأكبر هي الشعارات والأعلام ورسمها على الجدران والا يكون هناك اي وجود لمشاريع تنمية البلاد وازدهارها ..
والوطن قط لم يكن شعارا يُرسم على جدار أو راية ترفرف فوق نقطة أمنية، الوطن هو وظيفة وراتب وصحة وتعليم وامن وأمان ورفاه واقتصاد وبنى تحتية وكل هذه الأشياء لاوجود لها في قواميس منظومة مابعد الحرب في عدن.
البناء وفق الممكن هو السبيل الوحيد لنجاح الانتقالي ، السعي لانتشال عدن من وضعها ، التخلي عن الازدواجية المجنونة هذه والكذب على البسطاء بموضوع "الانفصال" ودون ذلك سيتواصل الفشل إلى مالانهاية..
يحتاج الناس إلى قيادات تقف مثلما من في الصورة ولكن داخل مدرسة لتفقد التعليم، أمام عمود إنارة لإصلاحه ، أمام أنبوب مياه لتفقده أمام محكمة لتفقد مظالم الناس أمام مؤسسات الدولة لحثها على المزيد من العمل وليس الوقوف أمام الجدران لرسم الشعارات والأعلام.. لا لشيء إلا لأن البلد تحتاج العمل وليس الشعارات..
آه صحيح .. نسيت .. أيضا
الدفع بإعلاميين يجيدون فن "الكلمة" ، فهم مزاج الناس ونفسياتها..ومخاطبتها بما يعقل..
23 يناير 2019