حين كانت المساحات متاحة والمسافة بين المنزل والمنزل الذي يليه تكفي لبناء منزل ثالث أو ربما فيلا بملحقاتها؛ كان هناك مواقع قريبة من الحواري ( الحوافي) تتجمع فيها قمامة الشارع قبل أن يتم نقلها بسيارات البلدية إلى أماكن جمعها والتخلص منها بمعرفة الجهة المعنية. أما الآن، بعد أن ولى ذلك الزمان وأصبح في خبر كان، فلم تعد تلك المساحات على حالها، حيث تحولت إلى منازل ذات طوابق متعددة أو أحواش مكتوب عليها ملكية فلان أو هذه الأرض لعلان، ولم يعد يربطها بالقمامة سوى بعض الكتابات مثل :(ممنوع رمي القمامة يا....) أو ( لا ترمي قمامتك هنا يا إبن....)!. وحتى لا يفسر كلامنا في غير محله نسارع إلى التوضيح أن هذه ليست محاكمة لمن نهب وسلب وصار من ذوي الأملاك والرتب ، وإنما هو مجرد تساؤل عن مصير قماماتنا (الكداديف) بعد أن أصبح البحث عن موقع قريب لرميها أمراً صعباً ويكاد يكون مستحيلا في بعض المناطق التي يطلق عليها شعبية أو عشوائية، وما أكثرها اليوم في عدن!!.
لا تذهبوا بعيدا أو تظنوا أن الأمر مجرد دعابة، بل هو حقيقة تتعزز يوما بعد يوم مع تقلص المزيد من المساحات وتحوّل حارات بكاملها إلى مربعات قمامة، رغم وجود البراميل التي لا تحل مشكلة بقدر ما أنها "تشرعن" رمي القمامة في كل اتجاه من حولها ، بل أن المفارقة التي تبكي أنك يمكن أن تجد تلك البراميل فارغة و حولها العجب العجاب!!.
بالعودة إلى ( كدافة زمان) فقد كان الحال أفضل وأمكنة رمي القمامة محددة وكل واحد عارف أين سيرمي الكيس الذي أخذه بفرمان من ( ست البيت) قبل أن يواصل طريقه إلى العمل أو السوق أو.. أو ..، بخلاف هذه الأيام التي يحتار فيها بعضنا أشد الحيرة بشأن قمامته التي لا يجد لها مكانا!. بعض الجيران ، و هذا أمر لا يخفى على كثير منكم، وجد الحل لمشكلته بأن يتسلل ليلا أو بوقت قيلولة ليضع كيس قمامته عند باب أطرف جار ، وهو مستعد للحلفان بعد ذلك أنه لا يعرف هذه القمامة أو صاحبها ، غير أن هذا الصنف من الناس قليل (والحمد لله) أما الأغلبية فهم ممن يعرفون أنه ليس من قيم الإسلام إيذاء الجار ولو بكيس قمامة، لكنهم في الوقت ذاته بحاجة إلى من يحل مشكلتهم التي تتفاقم يوما بعد يوم.
فهل من مجيب ، خصوصا وأننا في هذه الأيام نعيش زخم النظافة من خلال حملة ( لأجلك يا عدن .. كلنا عمال نظافة) .. فحتى وإن كنا كلنا عمال نظافة فإننا سنحتاج أماكن نجمع فيها قماماتنا مؤقتا لحين حضور ديزل (المأمور) وسيارة (الصندوق) لنقلها إلى المقلب.
أما إذا بقي الحال كما هو عليه واستمرت مواقع الجمع المؤقت للقمامة في الانحسار، فإن الخشية أن يأتي اليوم الذي تتحول فيه ( الحوافي) إلى مقالب قمامة، ووقتها سلموا لي على البلدية والصندوق!.