كنت قد فضلت الصمت وآثرت السكينة حيال الحملة المستعرة التي تدعُ الى تجريم الهاشميين واستباحتهم. قيل الكثير من اللغط وسكب الكثير من الحبر لاستنهاض فتنة طائفية نائمة ، وفي بلدٍ به من الفتن والحروب التي ينبغي أن توجه كل الجهود لإطفائها ، لا لإشعال فتن آخرى.
المسوغات التي يسوقها موقدوا الفتنة تصفْ جميع الهاشميين بلا استثناء في طابور واحد ثم تلبسهم ثوباً سياسياً واحداً دون أن تسمح بعبور أحد من طابور إلى آخر او تسمح له حتى بإيضاح الحقيقة ، ومن حاول ان يقول شيء او يكتب شيء من الحقيقة هاشميا كان او غير هاشمي صوبوا إليه سهامهم وألسنتهم وكأنه قال منكرا من القول .
، في ظل خطاب التعميم الذي يطلقونه هم بهذا يمارسون عنصرية أشد مَمّن يتهمونهم بالعنصرية.
لقد بدأت الظاهرة بالهمز واللمز وفي السنوات الأخيرة تطورت الى المقالات والتغريدات ثم الندوات وتأليف الكتب وربما في المستقبل إلى قنوات فضائية خاصة.
إنهم ينبشون الماضي بحثاً عن الأخطاء وإذا لم يجدوا شي يعمدون إلى تزوير بعض حقائق التاريخ بما يخدم أهدافهم!
ما أود بيانه وتأكيده هنا لمن لايعرف الحقيقة من عامة الناس وحتى لا يقع في دائرة التظليل هو أن الهاشميين ليسوا فئة ولا جماعة منظمة ولا حزباً ولا قبيلة لها داعٍ واحد ، ومن عنده دليل مادي واحد فل يتفضل يقدمه ، كما انه ليس هناك من يمثلهم او يتحدث بإسمهم بل وليس من حق اي واحد أن يدعِ ذلك.
الهاشميون هم أفراد في المجتمع اليمني مثلهم مثل غيرهم ، منهم الموظف الحكومي ومنهم التاجر والمزارع والحرفي ، وفي السياسة يتفرقون ويختلفون حسب القناعات الشخصية لكل فرد ، بعضهم في أحزاب قومية وبعضهم في أحزاب دينية وبعضهم مستقل غير متحزب ، هذا مع الشرعية وذاك مع الحوثيين وبعضهم وقف محايداً أو آثر الصمت ، وفي الجانب المذهبي منهم ( الزيدي ومنهم الشافعي او الصوفي … )وهذا شأن جميع اليمنيين فلماذا الإصرار على صبغ جميع الهاشميين بلون واحد ودون التفكير بعواقب هذا التلوين، ومخاطره، وبالنظر إلى ما نراه أمام أعيننا في بعض الدول كيف كانت وأين وصلت بسبب التقسيم الطائفي حتى بعد أن توقفت الحروب فيها. أليس هذا كافياً ومقنعاً لدى من يملك ذرة من عقل وضمير ؟!
وهنا لابد لنا أن نتسآل لماذا السكوت من قبل العقلاء الذين يعون مخاطر ذلك؟ وأين الشرعية والتحالف العربي من أولئك الذين يعملون وبإصرار على تحويل الأزمة من صراع أساسه وسببه سياسي داخلي على السلطة الى صراع داخلي طائفي؟
حتى بعد أن تطور وأصبح صراعاً إقليمياً تداخلت فيه مصالح دول كبرى ، ومع ذلك مصرين ومستمرين على نهجهم ، مالحكمة وما المغزى من ذلك؟!
تساؤلات نضعها في عين المعنيين بإدارة الصراع ، إذ لاشك بل ومن المؤكد أنه وأمام هذا التصنيف ربما كثير من الهاشميين ذهبوا إلى جماعة الحوثي لكي يحتموا بها أو ان بعضهم تركوا البلاد و غادروها إلى بلدان آخرى عندما وجدوا أنفسهم مهددين ومحاصرين من هذا الكم الهائل من الوعد والوعيد ، وصل بعضها إلى حد الاغتيال حين استهدفت شخصيات وطنية وفكرية خسرها الوطن لا لشيء الا لأنهم هاشميين ، والذين لا زالت قضاياهم ضد مجهول ولم تقوم أي سلطة بواجبها في تعقب الجناة وضبطهم وتقديمهم للعدالة الى اليوم .
فحين تسقط الدولة وتهدر الحقوق وتغيب العدالة يلجأ الناس إلى اي جماعة قوية تحميهم بحثاً عن الأمن والأمان ، أو يهاجررون إلى بلدان آخرى حتى تنطفئ الفتنة.
ولأن الهاشميين ليسوا قبيلة بل كانوا محميين بالقبائل نفسها بوصفهم (هجرة) ولكن وفي ظل هذا الخطاب العنصري المشحون فقد وجد بعض الهاشميين أنفسهم أمام تصنيف آخر من بعض أفراد أو رموز من القبيلة نفسها التي يعيشون فيها منذ سنين أو الأحزاب المنتمين إليها من قبل التعددية الحزبية ، و وجدوا أن ظهورهم بآتت مكشوفة رغم إخلاصهم للقبيلة أو الحزب ، فما كان منهم إلا البحث عن ظهر يحميهم بعد أن أصبحوا هدفاً للقتل أو التهديد أو التوعد بذلك في ظل غياب الدولة.
لقد خدم أولئك المتعصبون خصمهم بهذا التصنيف فضلاً عن آثاره الخطرة على النسيج الوطني والاجتماعي ، ناراً وحروباً مذهبية وطائفية لعقود قادمة لن تكون حدودها اليمن فقط وإنما المنطقة برمتها ، وهذا ربما مايسعى له أولئك بقصد أو بدون قصد.
كلمة أخيرة
اعقلوا يا هؤلاء..
الهاشميون مواطنون يمنيون لا يمكن الانتقاص من وطنيتهم وهويتهم ولن يتم لكم ذلك وإنما تزرعون فتنة سيبوء بوزرها و وزر ما يترتب عليها و وزر من عمل بها من يؤمن بها سراً أو علانية او يشجعها او يدعمها هذا اولاً ، ثم يجب على الأشخاص أكانوا أفراداً أو شخصيات اجتماعية ،مشايخ قبليين او مشائخ دين ونحوهم أو جماعات أو أحزاب ممن يجند نفسه ظهيراً وعوناً لهذه الفتنة أو التشجيع عليها أو غض الطرف عنها أن يقولوا كلمة حق ليطفئوها لا العكس.
والله حسبنا ونعم الوكيل
تحت رحمة الفتنة
2019/02/05 - الساعة 01:20 مساءً